[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
هكذا قلب العدوان الصهيونيّ الغاشم المتواصل منذ عشرة اشهر طقوس الفرح السنويّ بنتائج الثانوية العامّة في فلسطين إلى أفراحٍ مؤجلةٍ أو مستحيلةٍ أو آمالٍ مبعثرةٍ قيد الانتظار المرّ الذي لا يعرف نهاية.
فبين ناجحٍ في الثانوية العامّة يهرب وأهله من لحظة اقتناص فرحٍ موسميٍ كان يمسح عن قلوب الفلسطينيين بعضًا من قهر الاحتلال الجاثم على صدورهم، خوفًا على مشاعر المحرومين من أقرانهم في قطاع غزة وأهلهم المتألمين على ذلك، أو احترامًا لدماء الشهداء من زملائهم الذين ارتقوا قبل أن يتمكنوا من تقديم امتحان التوجيهي، بقيت الفرحة الفلسطينية معلقةً حتى إشعارٍ آخر، أو غائبة لغير رجعةٍ برحيل من رحلوا.
حلّ يوم نتائج الثانوية العامّة ثقيلاً على أهل فلسطين، فالفرحة منقوصة، والزعاريد التي كانت تحلم بها الأمّهات كل عامٍ ويتدربن عليها قبل شهور بقيت حبيسة القلوب والصدور، فقد سرق العدوان كلّ تفاصيل الفرح التي غدت طقوسًا يحتفي بها أهل الناجحين في الثانوية العامّة ويرشون الورد والحلوى ويقيمون الاحتفالات لأبنائهم الذين قطفوا ثمرة سنين من الجهود والمثابرة، لكنّها اليوم فرحةٌ كئيبةٌ مقهورةٌ بل مستحيلةٌ.
نعتذر رقم الجلوس غير مدرج بقوائم الناجحين
“أنا مش الأم الوحيدة يلي انحرم ابنها من التوجيهي”.. بهذه الكلمات الممزوجة بالقهر والألم تعبّر أم الشهيد باسل الغزاوي من مخيم جنين، في مقطع فيديو رصده المركز الفلسطيني للإعلام، عن المشاعر التي تختلج صدرها المكلوم على ولدها الذي يفترض أنها تنتظر نتيجة الثانوية العامّة أن تصل برسالةٍ على هاتفها.
ترمق الهاتف بعيونٍ مغرورقةٍ بالدموع، وهي تقرأ الرسالة التي لم تكن تنتظرها ولكنّها أخرى تقول: (نعتذر رقم الجلوس 10046400 غير مدرج في سجل قوائم الناجحين لامتحان الثانوية العامة لهذا العام).
وفي غرفةٍ ممتلئةٍ بصور ابنها الشهيد الباسل تستذكر كل تفاصيله صابرة محتسبة، فتقول: “بجوز أكثر ناس حاسين بأهل غزة هم أهل الشهداء واللي فقدوا أولادهم، بحس مصابي ومصاب أهل غزة نفس المصاب”.
وعن الباسل الذي نقشت اسمه في إسوارةٍ على معصمها، كي لا يغيب عن ناظريها، تروي أم الشهيد كيف كان شغوفا ومصممًا على النجاح والذهاب لمرحلة التعليم الجامعي.
فتقول أم الشهيد الباسل: “كان مصمم يخلص التوجيهي، برغم جرحه وإصابته، الحمد لله رب العالمين”.
وتتابع والدموع توشك أن تهرب من عيونها: “أكيد باسل زيّه زيّ أي طالب كان نفسه يدخل جامعة، يعني رغم أنه لم يكن من المتفوقين متوسط، بس الحمد لله كل السنين الدراسية نجح فيها”.
رصاصة الإجرام قضت على أحلامه
ليست أم الباسل الأمّ الوحيدة فآلاف الأمّهات في فلسطين يعانين الوجع ذاته، فأم الشهيد أحمد صدوق ما زالت تقلب كتبه وحقيبته المدرسية، وعيونها تراقب شاشة التلفاز التي أُعلن من خلالها عن نتائج الثانوية العامة، فابنها الشهيد هو أحد طلبة الثانوية العامة الذي غيّب الاحتلال الإسرائيلي أمله بأن يفرح في هذا اليوم بإنهاء مرحلة المدرسة، والانطلاق منها إلى الحياة الجامعية التي ترسم مستقبله وتحدد حياته العلمية، بحسب “وفا”.
وتستذكر أم أحمد من مخيم الدهيشة للاجئين جنوب بيت لحم، يوم استشهاد نجلها في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وتقول: “عاد من المدرسة وأنجز واجباته الدراسية، وفي منتصف الليل اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي المخيم، وبعد الإعلان عن انسحاب الاحتلال، خرج أحمد يستطلع ما الذي جرى في محيط المنزل”.
وتضيف وهي تحتضن زيه المدرسي: “باغتته رصاصة جندي احتلالي حاقد فقضت عليه وعلى حلمه وقتلتنا جميعا في آن واحد”.
وكان أحمد طالبا متفوقا ومميزا في المدرسة الروسية، وكان يحلم بإكمال دراسته الجامعية بتخصص المحاسبة في جامعة فلسطين الأهلية القريبة من منزله، بحسب والدته، التي تشير إلى أن الاحتلال يتعمّد نزع الفرح من قلوب الفلسطينيين بقتل أبنائهم وآمالهم وأحلامهم، مؤكدة أن ابنها من بين آلاف الطلبة الذين قتلهم الاحتلال خاصة في قطاع غزة، والقلوب تعتصر ألما على غزة وأبنائها.
فرحتي بالتفوق منقوصة
بدوره يقول الطالب يزن سامر سمّان من القدس إن فرحته بحصوله على المركز الأول في امتحان “التوجيهي” الفلسطيني للفرع العلمي “منقوصة”، مشيرا إلى ظروف صعبة رافقت دراسته نتيجة العدوان على غزة.
وقال الطالب المقدسي يزن سامر أحمد سمّان، الحاصل على المركز الأول في امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة (التوجيهي) للفرع العلمي إنه حقق النجاح في ظل ظروف صعبة.
وأضاف سمّان، في تصريحاته لـ “الجزيرة نت” وهو من سكان مخيم شعفاط شرقي القدس، أن فرحته منقوصة نظرا لأن زملاء آخرين له لم يتمكنوا من الدراسة والنجاح ولم يحققوا أحلامهم ولم يحصلوا على فرصتهم نتيجة العدوان على قطاع غزة.
والتحق سمّان بمدرسة “ذكور الإيمان الثانوية” بمديرية التربية والتعليم الفلسطينية لمحافظة القدس، وحصل على معدل 99.7% (مكرر).
39 ألف طالب حرموا من حقهم في التعليم
جديرٌ بالذكر أن إجرام الاحتلال وعدوان المتواصل حرم 39 ألف طالب ثانوية عامة من قطاع غزة من ممارسة حقهم في التعليم والتقدم لامتحان الثانوية العامة.
وارتقى 10 آلاف من طلبة المدارس والجامعات في القطاع، منهم 450 من طلبة الثانوية العامة، بالإضافة إلى 20 طالب ثانوية عامة في الضفة، علاوة على استشهاد 400 معلم و105 من أساتذة وكوادر الجامعات في القطاع.
كما تمّ تدمير 286 مبنى من أصل 307 بناء مدرسي و31 من المباني التابعة للجامعات في القطاع بشكل كامل، وفقا لمعطيات وزارة التربية والتعليم العالي.
“}]]