[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
دمار كبير وإرادة بقاء وتحدٍّ .. هكذا يبدو المشهد في معسكر جباليا شمال قطاع غزة إثر انسحاب قوات الاحتلال “الإسرائيلي” بعد 20 يومًا من التوغل لم تتوقف فيها الاشتباكات والملاحم البطولية.
بمجرد أن تداول السكان نبأ تراجع آليات الاحتلال حتى بدأ الأهالي يعودون إلى معسكرهم ورسالتهم باقون مهما بلغ حجم الدمار والحرق.
هولوكوست حقيقي
على مد البصر يبدو الدمار في البنايات السكنية والشوارع والمدارس .. البناية التي سلمت من التدمير لم تسلم من الحرق، هولوكوست حقيقي اقترفه الاحتلال ضد البشر والحجر والحيوان.
وعادت قوات الاحتلال لتتوغل في جباليا ومخيمها، مساء 11 مايو/أيار الجاري، لتتفجر معارك وبطولات وقتال في الأزقة والشوارع بين الغزاة وأصحاب الأرض.
الاحتلال الذي سبق أن أعلن نهاية العام الماضي أنه سيطر على شمال قطاع غزة، فوجئ بحجم المعارك والمقاومة التي لم تتوقف أي لحظة، وفشل أيضًا هذه المرة في تحقيق أي منجزات على الأرض سوى المزيد من القتل والتدمير، والاستقواء على الأبرياء.
مخيم جباليا
وقال مراسل المركز الفلسطيني للإعلام: إن آليات الاحتلال تراجعت إلى خارج المخيم، وسط قصف مدفعي مكثف، وحركة طيران مستعرة، فيما بدا فشلًا مدويًّا للاحتلال في مواجهة مقاتلين أشداء لا يعرفون طريقًا سوى النصر أو الشهادة.
وخلال المعركة التي استمرت 20 يومًا، لم يمر يوم دون أن تبث المقاومة وعلى رأسها كتائب الشهيد عز الدين القسام، مشاهد من القتال والمواجهة التي تسجل كأساطير في التاريخ المعاصر، في حين وصف معلقون صهاينة المعركة بالصعبة وأن الجيش يدفع أثمان باهظة.
وفي اللحظات الأولى لانسحاب جيش الاحتلال من المخيم، أظهرت فيديوهات بثها ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي حجم الدمار المروع الذي ضرب قلب المخيم، فقد طال الدمار كل شيء من منازل وممتلكات وبنى تحتية ومساجد ومدارس.
وانبرت مجموعات من المواطنين للبحث عن مفقودين أسفل الأنقاض، حيث كانت طائرات الاحتلال تدمر المنازل على رؤوس من فيها، في مشاهد جرائم يدنى لها جبين الإنسانية جمعاء، وسط خوف وترقب من عمليات قصف غادرة.
فشل كبير
من جانبه، الكاتب الفلسطيني شرحبيل الغريب قال: ما يجري في مخيم جباليا شمال غزة يسجّل دلالة واضحة أن “إسرائيل” فشلت في القضاء على المقاومة بخلق واقع أمني جديد كما زعمت، وأنّ كلّ ما ارتكب من جرائم قتل وتدمير لم يحقّق لنتنياهو ما يرنو إليه، كما فشل من سبقوه في “إسرائيل” منذ نشأتها بإيجاد استراتيجية شاملة للتعامل الأمني أو الخلاص من قطاع غزة، الذي شكّل وما زال يشكّل جبهة تؤرق وتقلق قادة الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف في مقالة: مشاهد الفيديو التي تبثّها المقاومة الفلسطينية يومياً، سواء من معركة مخيم جباليا شمالاً أو حتى من رفح جنوباً، تشير إلى خسائر مهولة وصفعات مدوّية يتلقّاها “جيش” الاحتلال على يد قوى مقاومة أخذت قراراً منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر بتمريغ أنف “جيش” الاحتلال الإسرائيلي في تراب غزة وعلى أعتاب مخيماتها.
وأوضح وأن مثل هذه الخسائر، فرضت حالاً من الإحباط المتصاعد في صفوف “جيش” الاحتلال الإسرائيلي، وصل إلى حد كتابة عرائض والتوقيع عليها برفض الخدمة لمئات الجنود خوفاً من وحل غزة، والمطالبة الصريحة لأهليهم الإعفاء من الاشتراك في معارك مخيم جباليا ورفح.
وأشار إلى أن البسالة التي تظهر في معارك مخيم جباليا ورفح تعكس روحاً قتالية عالية لا تعرف الهزيمة في قاموسها، وتؤكد نتيجة واحدة أنّ “إسرائيل” هزمت استراتيجياً، ونتنياهو يكابر لمعرفته بمصيره حال وضعت الحرب أوزارها.
معارك ضارية
وفي السياق، قال كريم الفلاح – الخبير العسكري والاستراتيجي- إن المقاومة استطاعت أن توقع بقوات الفرقة (98) التي تقود العمليات العسكرية في هذه المناطق، خسائرَ كبيرة، بعد معارك ضارية وشرسة كبّدت الجيش الإسرائيلي أفدح الخسائر بالأرواح والمعدات، من خلال عمليات تفخيخ كثير من المنازل، وكذلك عمليات القنص، واستخدام قاذف الياسين (105) والعبوات الناسفة، وزرع الألغام، واستخدام القوة الصاروخية، ومدافع الهاون، لقصف مناطق الغلاف وتجمّعات الجيش الإسرائيلي في الداخل.
وكذلك عمليات الاشتباك القريب وجهًا لوجه، واستخدام الطائرات المسيّرة؛ لإلقاء قنابل على تجمّعات الأفراد والدبابات، وجميع هذه الفعاليات تنفّذ بتخطيط دقيق ومنظومة قيادة وسيطرة استطاعت أن تدير المعركة الدفاعية بنجاح، الأمر الذي أدّى إلى تعثّر العملية العسكرية التي توصف بأنّها صعبة ومعقّدة؛ بسبب طبيعة المنطقة وشدّة المقاومة، وفق الفلاحي.
وتصفُ مصادر إعلام إسرائيلية المعارك الطاحنة التي جرت في جباليا بأنها الأعنف منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بينما يقول الناطق الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي؛ إنهم يعملون في مناطق لم يتم العمل فيها سابقًا!، أي أنهم لم يستطيعوا الدخول فيها، وهذا يطرح تساؤلات كثيرةً عن العمليات العسكرية التي نُفذت في مناطق الشمال منذ الاجتياح البري وحتى 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما تم الاتفاق على هدنة لوقف القتال لمدة سبعة أيام لتبادل الأسرى بين الجانبين.
سعيد زياد – خبير عسكري- قال إن معسكر جباليا رمزيةً عاليةً على طول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكلٍ عام، وعلى صعيد هذه الحرب على وجه الخصوص، كونه من المناطق القليلة التي لم يتمكن العدو من الدخول إليها مطلقاً. بالتالي يقع على رأس جدول أعمال العدو محاولة تهشيم هذه الرمزية، وتوجيه ضربة إلى قلب لواء الشمال، سواء المقاتلين الذين كسروا هجومه الجارف في تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر الماضيين، أو سكان المخيم الذين صمدوا رغم هول الإبادة وحرب التجويع، ونجحوا في كسر رأس سيناريوهات العدو في هذه الحرب، أي سيناريو التهجير.
“}]]