نيويورك/ PNN – حذر كل من وسام روز، نائب المدير الميداني الأول لوكالة إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، ولويز ووتريدج، المتحدثة باسم الوكالة في قطاع غزة، من كارثية الوضع الإنساني في غزة، مؤكدين أن المنطقة التي تم حصر الناس فيها في القطاع “ضئيلة للغاية” لا تزيد عن 11% من مساحة القطاع، بسبب إصدار مزيد من أوامر الإخلاء لمناطق في جميع أنحاء غزة، على مدار الأسبوعين الماضيين.
ووتريدج: في غزة، الناس ببساطة لا يعرفون أين يذهبون
جاء هذا خلال الإحاطة التي قدّمها المسؤولان الأمميان عبر الفيديو من دير البلح وسط غزة للصحافيين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، الإثنين.
وقالت ووتريدج: “إن مئات الآلاف من الناس مجبرون على الانتقال يومياً، مضيفة: “ما نراه الآن هو أسر وأمهات وأطفال يجرّون أمتعتهم. معظم الناس ينتقلون قسراً. هناك وصول محدود للغاية لأيّ نوع من المركبات لهذا النوع من النزوح الآن. والناس ببساطة لا يعرفون إلى أين يذهبون”.
ورداً على سؤال، حول ما جرى امس(الإثنين) في مستشفى شهداء الأقصى، قالت ووتريدج إنها لا تملك معلومات مباشرة من المستشفى، ولكننا نعرف أنه من الصعب التنقل في المكان، فالعملية العسكرية في دير البلح، وخان يونس ما زالت عنيفة ومستمرة. لهذا فتحركنا في المنطقة محدود جداً. وقد شاهدنا في السابق عن قرب عملية إخلاء المستشفيات، وأحياناً يضطرون لإخلاء المرضى والأدوية والمعدات الطبية قبل هروب المدنيين، وهذا يعتمد على ضرورات الرد الأولي طبياً عندما تصدر أوامر الإخلاء.
ورداً على سؤال، حول العلاقة بين الأونروا والقوات الإسرائيلية، وما إذا كانت هناك قنوات تواصل في الميدان بعد إعلان إسرائيل أن الأونروا منظمة إرهابية، قالت المتحدثة باسم الأونروا في غزة، إن هناك تنسيقاً مع القوات الإسرائيلية حول تحركاتنا، وحول أماكن وأوقات وصول المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة. “نحن ننسق معهم بشكل يومي كي يعرفوا أين نتحرك وأين نقوم بأعمالنا الإنسانية وذلك من أجل سلامتنا وسلامة مواقعنا وموظفينا وعمليات الإغاثة التي نقوم بها. لكن كل شيء في هذه الحرب صعب”.
وسألت لويز ووتريدج، كيف يمكن وصف ما يجري في غزة إلا أنها “حقول الموت”، فقالت: “لا أعرف كيف أصف ما يحدث منذ عشرة أشهر. تنقصني الكلمات المناسبة لوصف ما يجري . لم يبق هنا أي إنسانية. إن ما يجري هنا أمر مهين للسكان. لكن عندما نتحدث مع الناس يقولون لك إنهم بانتظار الموت وليس لديهم أمل. وكم هذا أمر صعب عندما تسمعه من أناس لا يستطيعون التحرك أو المغادرة فهم لا يعرفون أين يذهبون. السلام الوحيد الذي ينشدون هو البقاء مع عائلاتهم والنوم معا حتى إذا جاء الموت يموتون معا. هذا هو الواقع هنا. إنه أكثر مما يمكن وصفه بالمدمر”. وأضاف السيد روز على إجابة لويز أن الحرب يصحبها عادة شيطنة الأعداء ونزع الإنسانية عنهم. ولكن ما نشاهده هنا من تجريد الناس من إنسانيتهم يصل إلى مستوى من الصعب علينا أن نستوعب ما يعيشه الناس هنا يوميا. الإهانة، الشيطنة، الإذلال الخوف، العنف الذي ينعكس على جميع مناحي الحياة. تخيلوا أن المدارس من المفروض أن تبدأ الفصول الدراسية وهناك 625 ألف طفل. الحياة بالنسبة لهم يجب أن تستمر. هناك أطفال يلعبون الآن ونسمع أصواتهم فكثير منهم صغار لا يفهمون ما يجري لكننا نعي معاناة آبائهم وأجدادهم وكيف يؤثر هذا على عملنا في الأونروا وكيف سنتعامل مع هذه المصائب اليومية ومع التهجير والرعب ومع المجازر التي أصبحت أمرا عاديا ولكن ما يعاني منه السكان أي شيء إلا أن يكون عادياً”.
وأشارت إلى أنه في المنطقة الإنسانية التي أعلنتها إسرائيل في خان يونس والمواصي لا تكاد ترى الرمال لكثرة الناس المهجرين. فالمنطقة مكتظة وقالت إن الناس يستخدمون الرمال لبناء جدران لمنع مياه البحر من الوصول إلى ملاجئهم المؤقتة. وقالت إنه في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعيشها الناس، هناك عقارب وبعوض وجرذان وثعابين، فضلا عن الزيادة في انتشار الأمراض، بما فيها شلل الأطفال حيث تأكد وقوع أول إصابة قبل أيام. وأشارت إلى اليأس والأمل الضئيل للغاية الذي يسود بين الناس في غزة، والذين عبروا عن أن أملهم الوحيد الآن هو وقف إطلاق النار.
وأضافت المسؤولة الأممية هناك دبابات في مناطق كانت تُعرف سابقا بأنها مناطق آمنة. وهذا مجرد دليل آخر على أن قطاع غزة ليس مكانا آمنا. فالناس ليس لديهم مكان يذهبون إليه. ولا توجد وسيلة للعثور على الأمان. كما أن الوصول إلى الموارد الإنسانية محدود للغاية. لأن العمليات الإنسانية تنزح هي الأخرى في ظل أوامر الإخلاء هذه.
نائب المدير الميداني الأول للأونروا سام روز قال إن سلسلة أوامر الإخلاء الأخيرة قلصت المنطقة الإنسانية التي أعلنتها إسرائيل إلى 11 في المائة فقط من قطاع غزة بأكمله. وقال إنها في الحقيقة كثبان رملية. إنها مناطق مزدحمة، حيث يتكدس الناس ويفعلون كل ما في وسعهم للعيش. ونبه إلى أن الناس هناك يواجهون خيارات مستحيلة فهم لا يعرفون ماذا يفعلون وما إذا كان يجب عليهم البقاء أم الرحيل.
وحذر المسؤول الدولي من العاصفة المثالية التي تخلق البيئة التي يمكن أن ينتشر فيها شلل الأطفال، مشيرا إلى الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، وقطاع صحي مدمر، وخدمات وظروف مياه وصرف صحي رديئة للغاية، والناس الذين يعيشون وسط القمامة وبـِرك من مياه الصرف الصحي، ويشعرون بالتوتر والقلق تضعف أنظمتهم المناعية.
وأكد المسؤول الأممي أنهم يوجهون جهودهم الآن نحو إنجاح حملة التطعيم ضد شلل الأطفال التي ستبدأ يوم السبت المقبل والتي تستهدف نحو 640 ألف طفل، حيث سيتلقى 40 في المائة من هؤلاء الأطفال اللقاحات من الأونروا التي تعد لاعبا رئيسيا في تلك الحملة. وأفاد روز بأن الحملة تتطلب موارد بشرية ضخمة تضم أكثر من 3000 شخص، ألف منهم من موظفي الأونروا، داعيا إلى هدن إنسانية تسمح بتنفيذ حملة التطعيم بنجاح.
وفي إجابة عن سؤال حول مدى قدرة الوصول إلى الأطفال باللقاحات في ظل التحديات التي تواجه العمليات الإنسانية داخل غزة، أكد المسؤول الأممي أن العملية ستكون صعبة للغاية. وسيعتمد نجاحها إلى حد كبير على الظروف على الأرض في ذلك الوقت.
وقال:”سنبذل نحن وبقية النظام المعني بالحملة قصارى جهدنا لتنفيذها، لأنه بدون ذلك، نعلم أن الظروف ستكون أسوأ، للأسف”.
المصدر/ القدس العربي