مجازر ودعايات مفبركة.. إسرائيل تنقل استراتيجية الفشل من غزة إلى لبنان

[[{“value”:”

بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام

من غزة إلى لبنان، يعيد الاحتلال الإسرائيلي سيناريو المجازر والأحزمة النارية والدعايات المفبركة لينقل استراتيجية الفشل في مواجهة المقاومة وإرادة الشعوب التواقة للحربة.

واحدة من أكثر الغارات الجوية كثافة في الحروب المعاصرة، نفذتها إسرائيل بقصف الاثنين، لمناطق في لبنان، وفق صحيفة نيويورك تايمز.

جيش الاحتلال الذي يواصل التهديد والوعيد للبنان، قال إنه ضرب أكثر من 1600 هدف في لبنان الاثنين، وهو رقم لا يوجد له سوابق تذكّر في حروب القرن الحادي والعشرين، وفقًا لإميلي تريب، مديرة منظّمة إيروارز، وهي منظّمة بريطانيّة تراقب الصراعات.

رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي يواصل التهديد بمواصلة التصعيد على عموم لبنان، متوعدًا بتسريع العمليات بكل القوة، وكذلك من مسؤولين إسرائيليين، في مشهد تكرر ذاته في الحرب المستعرة في غزة.

وفور بدء الغارات المكثفة على لبنان، بدأت إسرائيل باختلاق الذرائع لتبرير قصفها الهمجي على المدنيين، كما جرى في قطاع غزة، حيث استخدم جيش الاحتلال مقطع فيديو، منتجًا يظهر منزلًا في جنوب لبنان بداخله صاروخ كروز، كمبرر لحملة القصف الواسع على المدنيين.

وهو ما أعاد بالذاكرة مقطع فيديو مشابه لمجمع الشفاء الطبي حاولت فيه إسرائيل تصوير المجمع للعالم، كمركز قيادة وسيطرة يتبع لحركة حماس، وكمخزن أسلحة وصواريخ، واستخدامه كمقدمة ومبرر للعدوان على المجمع على مرحلتين، انتهتا بتدمير المجمع بالكامل.

هذه المزاعم والمبررات الواهية كُشف عن زيفها، حيث لم تقدم إسرائيل أي دليل، ولم تجد ما يثبت ما روجته للعالم بأسره، وهو ما أكدته تقارير عالمية مستقلة.

كما راحت إسرائيل تروج لاستخدام عناصر حزب الله المدنيين دروعًا بشرية، وهي نفس الأكذوبة التي استخدمتها إسرائيل في عدوانها المستمر على غزة، ذلك المبرر الكاذب لشرعنة قتل المدنيين، في وقت كانت كل الشهادات تثبت أن الاحتلال هو من يستخدم المدنيين دروعا بشرية.

وفي العدوان المتصاعد على لبنان، كانت الطواقم الطبية هدفًا لآلة الحرب الصهيونية، حيث قتلت إسرائيل 4 من الطواقم الطبية، واستهدفت مركبات الإسعاف جنوب لبنان، في حين استهدفت المقاتلات الحربية محيط مستشفى الإيطالي في مدينة صور.

العدوان هذا تكرر ذاته، على المستشفيات والمؤسسات الصحية في غزة، إذ لم تسلم أي مشفى من البطش والإرهاب الصهيوني، حيث أخرجت إسرائيل معظم المستشفيات عن الخدمة بعد تدميرها، وقتلت 885 من الطواقم الصحية، واعتقلت العشرات منهم.

استخدمت إسرائيل في حربها المتصاعدة ضد لبنان، سلاح التهجير والنزوح للمدنيين في إطار ضغطها على المقاومة، وهو السلاح الذي استخدمته في الحرب المستمرة في غزة، إذ أفادت التقارير أن نصف مليون لبناني نزحوا من أماكن سكنهم، هربًا من حمم القصف الصهيوني، في حين إن مليوني فلسطيني ينزحون منذ بدء الحرب.

ومنذ أيام، كان المشهد الأبرز نزوح العوائل الواسع من جنوب لبنان ومنطقة البقاع إلى شمال الليطاني، وكما جرى في غزة، إذ تحولت المدارس إلى مراكز إيواء، وبدأ الناس بالتوافد إلى مناطق يعتقدون أنها أكثر أمنًا.

وفي صباح يوم الإثنين، ظهر المتحدّث العسكريّ الإسرائيليّ دانييل هاجاري، في مشهد مشابه للّذي فعله في غزّة، وطلب من الناس إخلاء البلدات في جنوب لبنان والبقاع “قبل إسقاط قنابل تزن 2000 رطل على منازلهم ومدارسهم وأحيائهم”. خلال الحرب الحاليّة على غزّة، أفادت التقارير أنّ ما يصل إلى 84% من سكّان غزّة هجروا وبعضهم عدّة مرّات.

وقال رئيس بلدية صيدا حازم خضر بديع إن 10 آلاف نازح من جنوب لبنان قضوا ليلتهم في المدينة، منهم 6 آلاف في المدن، وأضاف أن عدد المدارس التي فتحت أبوابها كملاجئ ارتفع من أربع إلى “نحو 16”.

ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية عن بديع، قوله إن المنظمات الدولية بحاجة إلى “مد يد العون بشكل عاجل وتوفير المستلزمات الضرورية للنازحين، خاصة وأن عددًا من المدارس بحاجة إلى الصيانة وتوفير مياه الشرب والكهرباء وغيرها من الضروريات”.

وكما هي حرب غزة، تنفذ إسرائيل آلاف المجازر، وتتبع سياسة الأحزمة النارية، نقلت غزة نفس الأسلوب إلى لبنان، بتنفيذ مجازر مروعة ضد المدنيين، وتدمير المنازل فوق رؤوس السكان.
كما اعتمدت سياسة الأحزمة النارية المكثفة، بقصف مئات الأهداف في وقت قصير وبشكل طولي، ما يحدث أصوات انفجارات هائلة، وينجم عنها دمار واسع، إضافة لقتل وإصابة المئات.

وعلى مدار يوم واحد من القصف العنيف غير المسبوق، استشهد 558 شخصا في مجازر كبيرة، دمّرت عشرات المنازل.

ومنذ بدء العدوان المتصاعد في لبنان، عمدت الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية على بث كم كبير من الأخبار الكاذبة والموجهة والتي تهدف من خلالها إلى تدمير الروح المعنوية للشعب اللبناني.

وزعم جيش الاحتلال أن غاراته المكثفة على لبنان، أعادت حزب الله إلى الوراء 20 عامًا، وهي ذات الأكاذيب التي استخدمها عندما أعلن عن تفكيك ألوية كتائب القسام واحدة تلو والأخرى، وما يثبته الميدان عكس ذلك، إذ تواصل المقاومة بغزة تصديها للاحتلال، وإيقاع جنوده في كمائن محكمة.

إضافة لذلك، تعمد الاحتلال بث رسائل تحريض وإخلاء عشوائية عبر موجات الراديو، وهو ما جرى في قطاع غزة، حيث يستقبل الأهالي آلاف الاتصالات التي تحرض على قيادة المقاومة، وتدعوهم لإخلاءات عشوائية، لضرب الجبهة الداخلية.

في الحرب المستمرة على غزة، دمرت إسرائيل البنية التحتية بشكل كامل، في محاولة لإعادة قطاع غزة عشرات السنوات إلى الوراء، وهو ما تهدد به إسرائيل لبنان بإعادته للعصر الحجري، وكشفت التقارير عن رفض إسرائيلي لمطالب أمريكية بتجنب استهداف البنى التحتية في لبنان.

وفي السياق، ذهب تقرير لصحيفة “الغارديان” إلى أن قنابل نتنياهو القاتلة والهجوم الإسرائيلي على جنوب لبنان “لن ينجح”.

ورأى التقرير أنه يجب إسقاط نتنياهو؛ لأن الحقيقة أصبحت أوضح من أي وقت مضى، فالزعيم الإسرائيلي يحتاج إلى حروب أبدية ليظل في السلطة.

وبحسب التقرير، فإن الرعب الذي يتكشّف في لبنان يشكل جريمة تضاف إلى الجرائم الأخرى، وأن نتنياهو يحوّل جنوب لبنان، وربما البلد بأكمله، إلى ما يشبه غزة الثانية.

وأضاف التقرير أن هجوم “إسرائيل” على لبنان لم ينجح في العام 2006، ولن ينجح الآن، وأن “إستراتيجية” نتنياهو، كما هو الحال دائما، تهزم نفسها بنفسها.

وعلى الرغم من الغارات الإسرائيلية، واصل حزب الله إطلاق الصواريخ أكثر من ذي قبل على “إسرائيل” ، وتوسّع مداها، فيما لا يستطيع الإسرائيليون النازحون العودة بأمان، وهو هدف نتنياهو الأساسي ظاهريًا.

وخلص التقرير إلى أن الهجمات التي وقعت الأسبوع الماضي على أجهزة النداء واللاسلكي واغتيالات القادة الرئيسيين هي المقدمة، وأن “الحرب إلى الأبد” فقط هي السياسة التي تُبقي نتنياهو في منصبه وفي السلطة.

الكاتبة أمال شحادة تقول: إسرائيل صعدت قتالها وانطلقت لتنفيذ خططها ضمن معادلة “تكثيف القتال يشكل ضغطاً لتحقيق مطالب إسرائيل”، وهذا ما سبق واستخدمته إسرائيل في غزة تجاه “حماس”، عندما أعلنت أن تكثيف القتال وملاحقة قياديي الحركة سيُخضعها ويدفعها نحو صفقة أسرى وفق الشروط الإسرائيلية، بما في ذلك بقاء الجيش في محور فيلادلفيا.

وأضافت في مقالة لها في صحيفة اندبدنت: هذه المعادلة، التي فشلت في غزة، تنفذها إسرائيل اليوم في لبنان، وفي عملياتها المكثفة التي أطلقتها، الإثنين، واتسعت لتشمل مناطق مدنية واسعة، تريد إسرائيل من خلالها تكثيف الضغط على “حزب الله” والمتوقع أن يستمر لأيام، وفق مسؤولين أمنيين، إلى حين تحقيق المرحلة الأولى من خطة الجيش، أي إعادة سكان الشمال إلى بيوتهم.

وتابعت أنه وعلى رغم تمسكها بهذه المعادلة فإن إسرائيل، وفي أعقاب انتقادات واسعة لها بعد أن انسحبت من مناطق عدة من غزة ثم عادت إليها وكانت حركة “حماس” قد أعادت تعزيز قدراتها فيها، تريد هذه المرة في لبنان استمرار القتال وإن طال لأيام والقضاء على البنى التحتية العسكرية لـ”حزب الله” ومخازن الأسلحة.

وأشارت شحادة إلى أنه ومع مرور عام على هجوم السابع من أكتوبر 2023، دون أن تحقق إسرائيل هدفًا واحدًا من أهدافها المعلنة، يعكس السياسة التي تعتمدها الحكومة الإسرائيلية بعد هجوم طوفان الأقصى والمبنية على ضمان استمرار الائتلاف الحكومي ومصلحة نتنياهو الشخصية.
وأكدت الكاتبة أنه ووفق هذا المنطق عملت إسرائيل على مدى نحو عام من دون خطة استراتيجية تشمل جدولا زمنيا للقتال واليوم التالي له، وها هي تدخل اليوم في حربها على لبنان دون خطة استراتيجية توصلها لتحقيق هدف إعادة السكان إلى بيوتهم، والقضاء على قدرات حزب الله.

استراتيجية الإبادة

الباحث السياسي محمد أبو ليلى قال: إن الإستراتيجية الصهيونية في القتل والتهجير والحصار وإنكار الحقوق والاعتقال والإبادة والمجازر طاغية بكل حلقات الصراعات التاريخية أي منذ نشوء هذا الكيان المؤقت وحتى يومنا هذا، وهذه الاستراتيجية ملازمة في عقل القيادة الصهيونية التي استلمت زمام صناعة القرار السياسي.

وأضاف أبو ليلى في تصريح لمراسلنا أن هذه العقلية المجرمة ديدن كل القادة الصهاينة الذين نفذوا ابشع الجرائم بحق شعوب المنطقة وخصوصا الشعبين الفلسطيني واللبناني.

وأشار إلى أن هذه العقلية الصهيونية المجرمة التي نفذت آلاف المجازر بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة حديثا وتحديدا منذ السابع من أكتوبر وهذه العقلية التي نفذت الإبادة الجماعية بحق شعبنا الفلسطيني في واحدة من ابشع الانتهاكات للإنسان كإنسان في التاريخ القديم والمعاصر ها هي الآن تنقلها إلى لبنان.

وأكد أن الاستراتيجية والعقلية الصهيونية التي قودها نتنياهو وغالانت وبن غفير وسموتريتش تقوم على الإبادة والتجهير والقتل والدمار.

وتحدث أبو ليلى بالأرقام قائلا: في حرب تموز عام ٢٠٠٦ استشهد ١٣٠٠ شهيد لبناني في حرب استمرت ٣٣ يوم، وحاليًّا وفي اليوم الأول من شن الطائرات الصهيونية غارات على كامل الأراضي اللبنانية فقد استشهد بحسب الارقام التي أعلنت عنها وزارة الصحة اللبنانية قرابة ٥٥٠ شهيدا في يوم واحد فقط .

وشدد أن هذا يدل على العقلية الإجرامية التي ينتهجها العدو الصهيوني في هذه الجولة من الحرب.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة