[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
منذ بدء معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي حرصت المؤسسة الإسرائيلية الأمنية والسياسية، على إطلاق حملة تحريضٍ دموية على فلسطينيّي الداخل (عرب 48)، وذلك في سبيل تقييد أيّ تحركٍ لهم لنصرة غزة أو التضامن معها، بل أكثر من ذلك عمدت إسرائيل لإعلان حالة الطوارئ في إشارة تهديد ووعيد لهم، ظنّا من قادة الاحتلال أنّها بذلك يمكن أن تنزعهم من النسيج الفلسطيني الذي ينتمون له، لكنّ عملية الجليل (كرمئيل) التي نفذها الشهيد جواد ربيع من قرية نحف بالجليل وطعن فيها اثنين من الجنود، من شأنها أن تقلب الطاولة على تقديرات الاحتلال وتصوراته التي ثبت فشلها منذ السابع من أكتوبر حين اعتقد قادة الكيان أن المقاومة مردوعة ولا يمكن أن تفعل شيئا، والحال ينسحب على تقديراته في مدن الداخل الفلسطيني المحتل التي باتت على وشك الانفجار، بحسب مراقبين.
وجاءت عملية الطعن في كرمئيل لتضرب مرة أخرى معادلة الأمن والهدوء التي يسعى لها قادة الكيان، ولتوصل رسالة مفادها أنّه لا يمكن أن ينعم بالهدوء ما دامت جريمة الإبادة الجماعية متواصلة في غزة، لا سيما وأنّ الألم والقهر الذي يشعر به فلسطينيو الداخل لا يمكن تحييده وعزله عن حجم الإجرام اليومي الذي تقترفه آلة القتل الصهيونية.
باكورة لعمليات فدائية قادمة
ويرى الكاتب والمحلل السياسي حازم عياد في قراءته للمشهد الجديد الذي خطته عملية كرمئيل باكورة لبدء عمليات فدائية في الداخل المحتل وإطلاق انتفاضة سكاكين في أراضي 48.
ويؤكد عياد في تصريحاته للمركز الفلسطيني للإعلام أنّ العملية تمثل جبهة جديدة فتحت بعد عشر أشهر من العدوان والجرائم الوحشية للاحتلال في قطاع غزة، مشددًا على أنّها “تمثل فشلاً للاحتلال بعد مرور عشر أشهر على الحرب، ودليل آخر على الانسداد السياسي والامني، والتكيف السلبي والعكسي لإستراتيجية الاحتلال مع بيئة المعركة التي بات الفلسطينيون أقدر على التكيف معها ايجابا، وعلى نحو تراكمي”.
وينوه إلى أنّ عملية كرمئيل حولت كابوس الاحتلال الى حقيقة، والأهم ان ردة الفعل الغبية والغوغائية على العملية ضخ المزيد من الطاقة في صفوف الشباب العرب لمواجهة الاحتلال، ولكن هذه المرة للرد على عملية التنكيل بأسرة الفدائي الذي استشهد في العملية؛ فالعملية وردة الفعل الاسرائيلية حولت الفدائي الى رمز وايقونة يتوقع ان يقتدي بها الكثيرون في المستقبل القريب.
التنكيل بعائلة الشهيد سيؤجج المشهد
ويتابع عياد بالقول: إنّ الإعلام العبري بث صور التنكيل بعائلة الشاب جواد ربيع من بلدة نحف منفذ عملية كرمئيل باقتياد والدته وافراد اسرته بطريقة عنصرية تعكس طبيعة الاحتلال ومشروعه في المنطقة.
وأشار إلى أنّ هذا التنكيل يُتوقع ان يؤجج مشاعر الفلسطينيين في اراضي 48 بدل ان تردعهم وترعبهم، فهي وقود للمزيد من العمليات مستقبلا.
ونوه عياد إلى أنّ ادوات الاحتلال واسلوبه في التعامل مع حادثة مستوطنة كرمئيل في الجليل الادنى شمال فلسطين غبية وبلهاء لكيان يخاف الهزيمة، ويستعجلها بصناعة شروطها؛ فردود فعل الاحتلال وادواته تؤجج روح المواجهة على عكس ما يتوقع الاحتلال، كما ان تسريب صور الشاب اثناء تنفيذه العملية تعزز هذا التوجه؛ ما يعني ان الاحتلال قام بدعاية وتعبئة مجانية للفلسطينيين في الاراضي المحتلة عام 48 لإطلاق المزيد من العمليات الفدائية.
انتفاضة سكاكين قريبا
وشدد الكاتب على أنّ الامر لا يتطلب الكثير لإطلاق انتفاضة سكاكين في اراضي 48؛ فالأجواء محتقنة والجبهة الشمالية مشتعلة منذ اشهر؛ ما يجعل من انتفاضة سكاكين أمرًا منطقيًّا تمهيد لمواجهة أوسع مع المستوطنين في الجليل، خصوصا في حال توفر الدعم والإسناد من لبنان.
واستدرك بالقول: إنّ الجليل منطقة تقترب من ساعة الصفر لمعركة محدودة مع المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله؛ ما يجعلها مرشحة لتطوير كتائب او فصائل مقاومة تتفاعل وتتكيف مع ظروف الحرب شمال فلسطين، فبعد ان امتدت عشرة اشهر في عمر الزمن، وتوسعت في عمق الجغرافيا، خلقت الحرب مناخات سياسية واقتصادية واجتماعية وميدانية مواتية لانطلاق العمل الفدائي في اراضي 48.
بركان غضب سينفجر
من جانبه قال الإعلامي أدهم أبو سلمية في تعليقه على العملية: إنّ كل من يرتدي الزي العسكري في الداخل المحتل سيلتفت حول نفسه منذ اليوم! ومن يحميه من بركان الغضب الذي قد ينفجر به في أي وقت؟
وأضاف أبو سلمية: “كل من عليها خائف، وهذا أعظم إنجازات 7 أكتوبر”.
وتابع أنّ الشهيد “يعلم أن طعن جندي لن يوقف الحرب على غزة ولكنه أراد أن يقول لها نحن معكم ونحن نحبكم وتحترق قلوبنا لمصابكم، في الخالدين يا حبيب”.
وتفاعل المدونون على مواقع التواصل الاجتماعي مع العملية وقراءة آثارها، لا سيما مع استمرار جيش الاحتلال في التنكيل بعائلة الشهيد منفذ العملية، وما سيكون له من انعكاسات ستزيد الداخل الفلسطيني المحتل احتقانا بوجه جنود الاحتلال.
تقول إحدى المدونات: قوات الاحتلال تعتقل جميع أفراد عائلة الشهيد جواد ربيع، منفذ عملية الطعن في الجليل. من قال أن إسرائيل تميز بين الفاعل والشاهد؟ من قال أن المسالم يسلم؟ من يضمن للمتعايش أن يُقبل تعايشه؟ هذه الأرض لن تحتملنا معًا. إما نحن، أو نحن.
أما المدون ماجد الزبدة، فيقول: رحم الله الشهيد الفلسطيني البطل جواد ربيع #ابن_الجليل منفذ عملية مستوطنة #كرمئيل والتي أسفرت عن مقتل جندي صهيوني وإصابة آخرين.
ويتابع الزبدة بالقول: إنّ العملية البطولية تؤكد توحد الشعب الفلسطيني خلف خيار المقاومة، وفشل الاحتلال في تقسيم الفلسطينيين جغرافيا: الضفة، غزة، أراضي48، القدس ..الخ).
الصمت المرحلي لن يدوم
ويعتقد مدير مركز الميزان الحقوقي في الناصرة، المحامي عمر خمايسي، في تصريحات سابقة للجزيرة نت، أنّ هذه الممارسات والسياسات العقابية الإسرائيلية، وإن فرضت صمتًا مرحليًا في الداخل الفلسطيني الذي يعي جيدا أنه في دائرة الاستهداف، لكنه سيخرج عن صمته مع تمادي إسرائيل في عدوانها على الفلسطينيين في غزة.
جديرٌ بالذكر أنّ سياسة الترهيب التي تعتمدها المؤسسة الإسرائيلية مع فلسطينيّي الداخل، طالت منذ بدء معركة طوفان الأقصى، طلبة الجامعات والموظفين بالمؤسسات الحكومية والقطاعات الخاصة، حيث تم تعرض بعضهم للفصل من الدراسة والعمل، وواجه آخرون ملاحقات أمنية بسبب منشورات على وسائل التواصل فُسّرت على أنها تماهٍ مع حماس وإسناد للفلسطينيين بغزة وليست مناهضة للحرب.
“}]]