[[{“value”:”
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام
أكدت مؤسستان حوقيتان، أن سلطات الاحتلال الإسرائيليّ تواصل استخدام عمليات التّعذيب والإذلال والجرائم الممنهجة بحقّ أسرى غزة في سجن عوفر، الذي لا تقل الجرائم المروعة فيه عما يحدث في معسكر “سديه تيمان” سيئ السمعة.
وأوردت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، شهادات جديدة لأسرى غزة الذين تمت زيارتهم، إلى جانب شهادات أسرى أفرج عنهم أخيراً.
وأشارت الهيئة والنادي في بيان مشترك اليوم الثلاثاء، أنّ الشهادات التي وثقت من داخل سجن “عوفر” لا تقل مستوى الفظائع فيه عن الشهادات التي نقل من معسكر “سديه تيمان” الذي شكّل العنوان الأبرز لجرائم التّعذيب بحقّ أسرى غزة.
و”سديه تيمان”، واحد من بين عدة معسكرات وسجون يواجه فيها الأسرى جرائم ممنهجة، وغير مسبوقة بمستواها منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة، وفق معطيات وشهادات نقلتها العديد من المؤسسات الحقوقية.
وأوضحت المؤسسات أن شهادة أحد أسرى عوفر تعكس استمرار جرائم التّعذيب الممنهجة، مشيرة إلى أن تفاصيل جرائم التّعذيب في سجون الاحتلال ومعسكراته لا تتوقف، فهناك شهادات يومية ترصدها المؤسسات المختلفة لتفاصيل صادمة ومروعة.
تعذيب وتنكيل ممنهجين
وروى الأسير (غ. و)، وهو أحد الأسرى الذين تمت زيارتهم أخيراً، تفاصيل ما تعرض له خلال عملية اعتقاله في الثاني من مارس/ آذار 2024، على حاجز في مدينة حمد بخان يونس، مبيناً أن جيش الاحتلال أجبره على التجرد من ملابسه، ثم نقله إلى شاحنة بعد تقييد يديه للخلف، وتعصيب عينيه، واعتدى عليه وعلى الأسرى كافة الذين احتجزوا معه.
ويذكر الأسير في شهادته أنهم نقلوا إلى ساحة مسقوفة (زينكو)، واحتجزوا هناك لمدة مئة يوم، “وشكّلت هذه المرحلة، المحطة الأكثر قسوة والأشد من حيث أساليب التّعذيب التي استخدمت بحقّه”.
وأضاف الأسير (غ. و) أنّه وعلى مدار 100 يوم، كان المعتقلون يتعرضون للضرب لمجرد أي حركة تصدر عن أحدهم، وعلى مدار هذه المدة يبقى الأسير مقيد اليدين ومعصوب العينين، أو عليهم الجلوس على أقدامهم، أو على بطونهم، مشيراً إلى استخدام الاحتلال أسلوب الشبح لساعات طويلة كوسيلة (عقابية) بحقّ الأسرى.
وأشار إلى أنه خلال عملية التحقيق معه، تعرضت لمحاولة خنق بالمياه العادمة الموجودة في كرسي الحمّام.
وتفيد هيئة الأسرة ونادي الأسير أن الأسير (غ. و) يقبع اليوم في “عوفر”، وهو أحد المعسكرات التي أقامها الاحتلال لاحتجاز أسرى غزة، إلى جانب عدة معسكرات وسجون أخرى، تتبع مباشرة إلى جيش الاحتلال.
وأوضح البيان، أنه واستنادا لعدة زيارات جرت لأسرى غزة فيه، فإن كل غرفة تضم – على الأقل- 20 أسيراً يتعرضون لعمليات تعذيب وإذلال وتنكيل وضرب”.
ونقل المؤسسات الحقوقيتان عن أحد الأسرى أنّ إدارة سّجن عوفر قمعت قبل عدة أيام الزنزانة التي يحتجز فيها، بعد أن أخفى الأسرى شرحات من الخبز، مبيناً أن عملية القمع استمرت لعدة ساعات، واستخدمت قوات القمع أسلوب ثني اليد والضرب المبرّح على الكتف والأصابع، مما تسبب بكسر يد أحد المعتقلين، وكسر أنف معتقل مسنّ.
رقابة غير مسبوقة
وأكّدت الهيئة والنادي، أن الزيارات التي نفذها المحامي مؤخرا لمعتقلي غزة في “عوفر”، تتم تحت مستوى عال من الرقابة المشددة، لافتة إلى أن غالبية المعتقلين رفضوا إعطاء أية تفاصيل عن ظروف احتجازهم، وكانت علامات الخوف والرهبة واضحة عليهم.
وقال البيان: “أحد المعتقلين امتنع عن الحديث بأي شيء، خوفا من تعرضه للضرب وفقط ما ذكره أنّه يصاب برجفة شديدة ولساعات طويلة بعد تعرضه لأي اعتداء”.
وتؤكّد الهيئة والنادي، أنّ مستوى الرقابة المفروضة على المحامين والمعتقلين والأسرى – في مختلف السجون – غير مسبوقة، الأمر الذي ألقى بظلاله على عمل الطواقم القانونية وعلى سلوك المعتقلين وشهاداتهم خلال الزيارة.
وذكرت المؤسستان أن بعض السّجون انتهجت عمليات الاعتداء على الأسرى خلال نقلهم للزيارة، وكان النقب الصحراوي أبرز هذه السجون، “وشكّل مستوى الرقابة واحدا من بين عدة عراقيل وسياسات ممنهجة أثرت بشكل ملحوظ وكبير على زيارات المحامين”.
إخفاء قسري
منذ بدء حرب الإبادة اعتقل الاحتلال آلاف المواطنين من غزة، وقد اعترفت إدارة سجون الاحتلال باعتقال (1584) معتقلا من غزة ممن صنفهم الاحتلال (بالمقاتلين غير الشرعيين)، وهذا المعطى لا يتضمن أسرى غزة كافة وتحديدا من هم في المعسكرات التابعة لإدارة الجيش.
وتؤكد الهيئة والنادي، أنّه وفي ضوء بعض التعديلات القانونية التي أجراها الاحتلال بشأن أسرى غزة تمكّت المؤسسات الحقوقية عبر آلية محددة من الكشف عن مصير أسرى غزة، “إلا أنّ الغالبية العظمى منهم ما زالوا رهن الإخفاء القسري، من بينهم شهداء ارتقوا جرّاء التّعذيب ويقدر عددهم بالعشرات، هذا وتواجه المؤسسات المختصة تحديات كبيرة في متابعة قضية معتقلي غزة، لا سيما أن الزيارات ما زالت محدودة”.
ويبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال حتى بداية آب/ اغسطس أكثر من 9900، وهذا المعطى لا يشمل معتقلي غزة كافة، تحديدا المحتجزين في المعسكرات التابعة للجيش.
وجددت “هيئة الأسرى”، ونادي الأسير، مطالبتهما المستمرة، للمنظومة الحقوقية الدولية باستعادة دورها التي أنشئت من أجله، والخروج من حيز الاكتفاء برصد جرائم الاحتلال وإعلان المواقف والدعوات، إلى حيز الانتصار لقيم العدالة الإنسانية.
وبينت المؤسستان الحقوقيتان أن الانتصار للعدالة الإنسانية يبدأ بمحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم الممنهجة المستمرة، في إطار حرب الإبادة المستمرة على غزة، والوجه الآخر لها والمتمثل بجرائم التعذيب والانتهاكات الجسيمة بحقّ المعتقلين في السجون الإسرائيلية.
“}]]