إسطنبول – المركز الفلسطيني للإعلام
اختتم المؤتمر الدولي لنصرة غزة الذي حمل شعار “الحرية لفلسطين” فعالياته، الاثنين، في مدينة إسطنبول، بإدانة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه بحق المدنيين في غزة والضفة، بعد أكثر من 100 يوم على معركة طوفان الأقصى.
وأكد المؤتمر، في جلسته الختامية، حق المقاومة في التصدي لجميع المشاريع التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية بكل الوسائل المتاحة.
ونظمت المؤتمر مؤسسة القدس الدولية بالتعاون مع المنتدى العالمي للوسطية والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والمركز العربي الدولي للتواصل والتضامن ومنتدى كوالالمبور للفكر والحضارة. وفي نهاية أعماله أعلن إطلاق مبادرتي “الصهيونية عنصرية” و”المقاومة حقٌ وواجب”.
وأكد المشاركون، وبينهم عدد من النخب الفكرية والسياسية وممثلي الحركات الشعبية من مختلف أنحاء العالم، على أن الاحتلال الإسرائيلي فشل في تجريم المقاومة، كما دعوا إلى تشكيل حلف “الحرية والعدالة لفلسطين” لدعم غزة وصمودها.
وتخلل اليوم الأول للمؤتمر ورْشَتا عمل ركزتا على موضوعي “عنصرية الفكرة الصهيونية” و”الصهيونية كخطر عالمي”.
الصهيونية كخطر عالمي
الأكاديمي الفلسطيني عزام التميمي، نبه إلى أن المشروع الصهيوني الذي يحتل فلسطين والقائم على تبني مفهوم الأفضلية عن باقي الشعوب، قد اكتسب هذه الأفكار في عهد الإصلاح الديني، والتي انطلقت من تفضيل اليهود على غيرهم من البشر، في محاولة جديدة لإكساب الرجل الأبيض الحق بالاستعمار.
ومن جانبه، أشار زويليفليل مانديلا -حفيد الزعيم الراحل الجنوب الأفريقي نيلسون مانديلا- إلى تشابه نظام الفصل العنصري لجنوب أفريقيا مع الفصل العنصري للكيان الصهيوني، من حيث التعامل مع السكان الأصليين وسعيه إلى الهيمنة الكاملة على الأراضي الفلسطينية، كما أكد على أن المقاومة الفلسطينية تناضل من أجل حرية فلسطين، على غرار النضال في جنوب أفريقيا من أجل التحرر.
أما مدير مركز رؤية للتنمية السياسية، أحمد العطاونة، فأكد على استهداف الصهيونية للهوية الفلسطينية وملاحقة الكينونة السياسية للفلسطينيين ومنعهم من إقامة دولتهم. وأشار إلى أن الحركة الصهيونية كيان استعماري إحلالي بُني على ركيزة إنشاء دولة لشعب موجود وليس له أرض، وإضفاء قداسة للمكان من ناحية الديانة اليهودية وفكرة بناء “الهيكل”.
وتناول الكاتب الصحفي النمساوي فيلهلم لانجثالر، موضوع الصهيونية كفكرة استعمارية، وأكد على أن الدعم الأميركي هو الذي يمد بعمر الاحتلال، وأن “إسرائيل” لن تبقى يوما واحدا من دون هذا الدعم، لذلك فالقوى الغربية شريكة حقيقية للاستعمار.
وناقش المؤتمر في يومه الثاني، تجريم المقاومة والخلط المتعمد لها بالإرهاب، بجانب التطرق إلى السبل الأنسب لمساندة الشعب الفلسطيني والمسؤولية الدولية تجاهه، وذلك في جلسات شاركت فيها نخب فكرية وسياسية عالمية.
أهداف المؤتمر
وفيما يتعلق بأهداف المؤتمر، أكد رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، أيمن زيدان، أن هذا اللقاء يُعَد في المقام الأول صرخة صاخبة تُطلقها الشعوب حول العالم لتسليط الضوء على تحديات الواقع الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة، وفي جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة بأكملها.
كما أشار إلى أن المؤتمر يأتي كخطوة جادة ضمن الحركة الدولية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني وحريته، في مواجهة التحديات التي تهدد وجودهم.
وأضاف زيدان أن هذا اللقاء يندرج ضمن جهود عالمية مستمرة للتصدي للتصعيد الإسرائيلي ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، إذ اعتبر المؤتمر منبرا لتأكيد حقوق الشعب الفلسطيني في التصدي للعدوان، ومواجهة جميع أشكال التهجير والحصار الذي يفرضه الاحتلال على حياة الفلسطينيين في قطاع غزة ومناطق أخرى.
رسائل المؤتمر
من ناحيته، أشار المدير العام لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، محسن صالح، في حديث للجزيرة نت، إلى أن حضور المئات من أكثر من 50 بلدا مختلفا للمؤتمر، يحمل رسالة تضامن كبيرة مع الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية.
ونوّه صالح إلى أن المؤتمر طرح تحدي استمرار الخطوات الفعلية والملموسة السائرة في طريق يخدم القضية الفلسطينية، وأن لا يكون هذا التفاعل تفاعلا مؤقتا بل يجب أن يتحول إلى عمل منهجي مدروس يرتقي إلى مستوى تضحية الشعب الفلسطيني.
وأكد كذلك طرح المؤتمر العديد من الأفكار العملية لتفعيل دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته وسعيه لتحرير أرضه ومقدساته، بجانب كونه بيئة خصبة لإنشاء علاقات سياسية وفكرية وثيقة من شأنها أن تدعم القضية الفلسطينية.
في نفس السياق، قال مسؤول الإعلام لمؤتمر “الحرية لفلسطين”، علي إبراهيم، للجزيرة نت، إن أبرز أهداف المؤتمر؛ أن يحمل الحضور على عاتقهم المضي في إيصال المبادرتين الأساسيتين للمؤتمر “الصهيونية عنصرية” و”المقاومة حقٌ وواجب”، إلى كل الأطر الممكنة، لا سيما في ظل التنوع الجغرافي والفكري للضيوف.
الزحف نحو الشمال
ولفت إلى أن الجزء الأساسي من عمل فريق المؤتمر، هو مواصلة التحفيز لتحويل المبادرات والأفكار إلى خطوات عملية ملموسة تصب في مصلحة القضية الفلسطينية، وإعادة طرح الأفكار والمقترحات على مستوى عالمي، في ظل التراجع الدولي لتجريم الصهيونية والاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح إبراهيم أن الوثائق الصادرة عن مبادرات المؤتمر، خرجت من بين أيدي متخصصين ومفكرين من جميع أنحاء العالم، وهو الأمر الذي سيساهم في جعل هذه المبادرات جزءا مهما في “الحراكات” المستقبلية.
وشدد على أهمية تكثيف إطلاق مؤتمرات تهدف إلى توعية شعوب العالم بحقوق الشعب الفلسطيني في استرداد أرضه وإقامة دولته المستقلة، لا سيما في ظل الهيمنة الإعلامية والفكرية لتحالف الشمال، مؤكدا أننا أمام “حالة من زحف الجنوب نحو الشمال”.