[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
هانت رفح على رام الله قبل أن تهون على الاحتلال، هانت رفح على عمقها وجوارها، أو الأمن القومي العربي، قبل أن تهون على الاحتلال، وهانت رفح على أمتها الإسلامية قبل أن تهون على الاحتلال، لم يشهد العالم أمة استرخصت دماء أطفالها وتهاونت مع حرق مستشفياتها ومدارسها كما فعلت أمتنا…!
بهذه الكلمات يصف أستاذ العلاقات الدولية الدكتور علي أبورزق حال ما يجري في قطاع غزة من حرب إبادة متواصلة منذ ثمانية أشهر، وما يترافق معها من مشاهد تدمي القلوب والعيون وتحرك لها العالم كله بشعوبه وجامعاته وحتى حكومات غربية، فيما تواصل شعوبٌ وأنظمة عربية سباتها رغم أخوة الدم وجيرة الجغرافيا وقربها، وكأنّ شيئًا لا يحدث في غزة، فلماذا تواصل الأنظمة العربية الرسمية وكثيرٌ من الشعوب العربية خذلانها لغزة، رغم شدة الإجرام الصهيوني وبشاعة المشاهد التي تبثها كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وإلى متى يستمر هذا الخذلان والصمت؟
أما آن للموقف العربي الرسمي الخروج من جموده وخذلانه؟
وفي قراءته للمشهد، يتساءل الكاتب والمحلل السياسي الدكتور محسن صالح: بعد نحو ثمانية أشهر على معركة طوفان الأقصى والحرب الوحشية الإسرائيلية على قطاع غزة، وبعد استمرار حالة “الطوفان” وتداعياته الهائلة فلسطينياً وإقليمياً ودولياً… أما آن للموقف العربي الرسمي أن يخرج من جموده وبروده ولا مبالاته وخذلانه…؟!!
ربما كان السؤال غريباً، لأن “الضَّرب في الميت حرام”!! ولأن نوم البعض “عبادة”!!، غير أن السؤال مرتبط بمحاولة فهم السلوك الرسمي، وليس تبريره ولا حتى تغييره…!!
ويرى صالح أنّ المشهد العربي الرسمي “المعتدل” غير مؤهل للقيام بتغييرات حقيقية، وسيستمر في “التثاؤب” طالما لم تدخل النار بيت أحدهم. ويرجع ذلك إلى الانغلاق المقيت على الهموم القطرية، والمصالح الخاصة، وغياب المصالح القومية وقضايا الأمة عن صناعة القرار.
وأحد الأسباب التي يراها صالح يتمثل في استمرار المراهنة على الهيمنة الأمريكية على المنطقة، وعلى قدرة الاحتلال الإسرائيلي (ولو متأخراً) في التعامل مع حماس، وإعادة ترتيب الأوضاع في قطاع غزة، فضلا عن استمرار المراهنة على مسار التسوية وعلى السلطة الفلسطينية.
وممّا ذكره في سبب استمرار حالة الخذلان الرسمي: عدم استيعاب الهزة الكبرى التي أحدثها طوفان الأقصى، وعدم القدرة على ملاحظة الفرص التي أوجدتها؛ خصوصاً أن هذا النوع من الحكام لا يصلح للاستفادة من هكذا فرص!! وكذلك بسبب الطبيعة الوظيفية والسقف المحدود للأنظمة القطرية.
ويلفت صالح إلى أنّ أحد الأسباب الرئيسية: فقدان الرؤية، وعدم توفر أي رؤى حضارية ووحدوية ونهضوية للانعتاق من الهيمنة الأمريكية والغربية.
كما يشير الكاتب والمحلل السياسي إلى حالة العداء للإسلاميين، والخوف من حركات النهضة والتغيير، والخوف مما يحمله مشروع حماس الإسلامي المقاوم وانعكاساته على المنطقة، كأحد الأسباب الموضوعية للمواقف الرسمية.
ويخلص صالح إلى أنّ الأنظمة الرسمية ربما تسعى للاستمرار في إدارة الحد الأدنى والانتظار حتى انجلاء غبار المعركة، غير أن استمرار الوحشية الصهيونية، واستمرار الكارثة الإنسانية في فلسطين، مع استمرار المقاومة البطولية، وازدياد التفاعل العالمي… كلها ستكون عناصر تغيير وتثوير واستنهاض وغضب في البيئة الشعبية العربية. ولا يمكن للأنظمة الاستمرار في المراهنة على قبضتها الحديدية، ولا على وسائل الإلهاء، ولا على أدوات تشويه المقاومة… فالخبرة التاريخية في المنطقة تؤكد حدوث التغيرات المفاجئة، وصعود موجات تقلب الطاولات كما تقلب كافة الحسابات.
هل دور المواطن العربي أن يبقى متفرجًا على الإبادة؟
وتساءل الإعلامي المصري ومقدم برنامج “جو شو” يوسف حسين لماذا أنت كعربي دورك أن تنظر للمجزرة في رفح وتستمر في الصمت؟ والسؤال الأهم: لماذا أمريكا وأوروبا موقفهم داعم لإسرائيل وشعوبهم في الشوارع للتضامن مع فلسطين، في حين الأنظمة العربية الواقفة مع القضية الفلسطينية تشجب وتندد مانعة شعوبها من التضامن بالموقف المعلن مع القضية الفلسطينية، وهناك دول كبيرة منعت شعوبها من التضامن حتى على السوشيال ميديا.
وتابع حسين: أنا متخيل شب غزاوي نزح من الشمال لحد رفح الفلسطينية، وجاب شاشة بطلوع الروح عشان يتفرج على دوري أبطال أفريقيا الموجود في مصر الشقيقة، ويتفاجأ أن الأمن المصري منع رفع الأعلام الفلسطينية في المباراة، في حين أنّ العالم كله عادي أن يرفع العلم الفلسطيني في كل الملاعب الأوروبية.
وأضاف أنّ السؤال الأهم قبل الإجابة على هذا السؤال؟ ما هو الضرر على الأنظمة العربية أن ترفع علما في ملعب، أو حتى ترفع علم فلسطين في الشارع؟ هل مثلا الهتاف لفلسطين في نهائي أبطال أفريقيا هو السبب في غلاء الأسعار والتضخم أو سبب دمار الاقتصاد؟
وتابع تساؤلاته: من الوحيد الذي له مصلحة في منع التضامن الشعبي مع القضية الفلسطينية؟
ويجيب حسين بالقول: أنّ أكبر عدوّ للقضية الفلسطينية هو “الديكتاتور” لأنّ الشعوب العربية تتعلم الحرية من القضية الفلسطينية، والمقاومة، ونحن نعلم أنّ الحرية بتجيب حرية، والذي يهتف لقضية في بلد أخرى، قد يطمع ويهتف في بلده، ومن يقاوم الاحتلال بكرة يقاوم الديكتاتور، فالقضية الفلسطينية فيها كل المعاني التي يكرهها الديكتاتور.
ويشدد على أنّ الديكتاتور لا يريد رؤية التضامن المعلن مع القضية الفلسطينية أو حتى المقاطعة، لأنّ هذا النضال يزرع داخل الشعوب أنك كفرد وتأثيره قيمة الحرية، وهذه الأشياء التي يكرهها الديكتاتور، ولذلك بعد سقوط الأنظمة العربية الاستبدادية في الربيع العربي، الأنظمة العربية تحاول مسح ذاكرة الشعوب من كل هذه القيم الجميلة، فلا ينفع أن تأتي القضية الفلسطينية في لحظة وتوقظ كل هذه المعاني داخل الشعوب.
ويختم حديثه بالقول: لذلك يجب أن يبقى المواطن العربي مهزومًا نفسيًا حتى يفضل خاضعًا سياسيًا لهذا الديكتاتور أو ذاك، ولذلك هل عرفت لماذا أنت كعربي دورك بس تشوف أهلنا في غزة يموتون ولا تفتح فمك، وهل عرفت لمصلحة من؟
تفاعل نشطاء التواصل مع الخذلان.. الحيوان يغار على أخيه فأين البشر؟
من جانبها علقت الإعلامية خديجة بن قنة، في نقدٍ لاذعٍ لما يجري من جرائم في غزة على مرأى ومسمع العالم بالقول: الحيوان يغار على أخيه الحيوان، ويتألّم لألمه، ويحزن لحزنه، ويبذل من أجله النفس والنفيس، ويدفع عنه من أراد الاعتداء عليه بكل وسيلة ممكنة.. إلّا الحيوان البشريّ أعيا من يداويه..
“}]]