[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
مع تواصل العدوان الصهيوني على غزة منذ ثمانية أشهر وما تسبب به من دمارٍ واسعٍ للبنية التحتية ولجميع الجهات المختصة في غزة وخاصة تلك المسؤولة عن النظافة والصرف الصحي، أصبح تراكم النفايات في الطرقات وحول مخيمات النازحين كارثة أخرى تطل برأسها على أهل غزة وتهدد حياتهم.
الأمراض الجلدية وأمراض الجهاز الهضمي القاتلة وعلى رأسها الإسهال فضلا عن أمراض الكبد الوبائي وغيرها من آثار التلوث وسوء النظافة وما ينتج عنها من روائح كريهة وبعوض، كله غيضٌ من فيض، فيما تتفاقم الأزمة في ظلّ تحذيراتٍ دوليةٍ من كارثة ودعواتٍ من الجهات المعنية بغزة لوقف العدوان والسماح بإعادة تشغيل الأدوات اللازمة لعودة أجهزة الحفاظ على البيئة وخاصة بلدية غزة التي استهدفها الاحتلال بتدمير واسع لجميع آلياتها وبنيتها التحتية.
وعلى الرغم من الأوضاع المأساوية التي يعيشها أهل غزة في ظل تراكم النفايات، تظهر مبادراتٌ هنا وهناك مع ما تيسر من إمكانيات ضئيلة لبلدية غزة، لتشكل بارقة أمل في السير خطوة إضافية نحو تجاوز الأزمة وتذليل العقبات والحفاظ على نظافة غزة وصحة أهلها بتظافر جهود الجميع.
حياةٌ لا تليق بأهل غزة ولا تليق بالبشر
وفي مشهدٍ مؤلم يتحدث طفلٌ من غزة – وأكوام النفايات تحاصر خيام النازحين من حوله – ليعبّر عن حجم الكارثة التي تتسبب بها تلك القمامة بسبب العدوان الصهيوني المتواصل الذي دمّر البنية التحتية في غزة وعطل أجهزة النظافة وإمكانياتها في بلدية غزة عن سبق إصرارٍ وترصد لتضييق الخناق على أهل غزة وخلق بيئةٍ طاردةٍ في ظل مؤامرة التهجير القسري.
فيقول الطفل: هذه القمامة تأتي لنا بالبعوض وتتسبب لنا جميعًا بالحكة فضلاً عن الروائح الكريهة.
ويعبّر – بفطرته النقية النظيفة التي تربى عليها في غزة – عن رفضه الشديد للبيئة التي خلقها العدوان، فيقول: “إحنا مش بقر عشان نعيش بجنب الزبالة، إحنا شعب غزة نظاف كنًا، هاي آخرتها يتسوى فينا هيك؟
وتعبّر أمٌ هذا الطفل عن غضبها الشديد من استمرار تكدس النفايات حول خيام النازحين بسبب استمرار العدوان فتقول: عنّا أولاد صغار وهذه المجاري تتسبب بالأمراض لهم، وهذا يتطلب المستشفيات والعلاج، الأمر الذي لا يتوفر في الوقت الحالي بسبب الحرب.
وتضيف: الأطفال بحاجة لطعام وشراب غير متوفر، وفوق كل ذلك “الرائحة العاطلة مش كويسة”، وتطلق نداءً للعالم: “رجاء إلتفتوا لنا”.
جهود شعبية متواصلة للحفاظ على النظافة
ويؤكد أحد المتطوعين ضمن اللجان الشعبية أنّهم ما زالوا مستمرين في التعاون مع بلدية غزة في رفع القمامة ونظافة الشوارع.
ولفت إلى أنّ هذا الجهد الذي يتطلب دور الأهالي والتعاون الوطني الكلي مع البلدية مقدرين ما تعرضت له البلدية من حالة التدمير وما تبقى الآن هي معدات بسيطة تحتاج إلى دعم جماهيري وشعبي وأهلي وأيضًا دعم كل الخيّرين من أجل الحفاظ على هذه البيئة والحفاظ على المجتمع.
وتابع بالقول: سنتواصل ونبذل جهدنا كلجان شعبية مع البلدية من أجل هذا العمل الوطني الكبير الذي يقدم الخدمات للكل الفلسطيني في صورة العمل التكاملي.
من جانبه تقدم خالد خير الدين مسؤول شعبة النظافة في بلدية غزة بالشكر الجزيل للجان الشعبية التي أسهمت بالمساعد بالجهود المقدمة للحفاظ على نظافة غزة.
وقال نشكر المواطنين على الجهود المقدمة للحفاظ على النظافة رغم قلة الإمكانيات، ورغم الحرب الصعبة التي نواجهها.
رفع 15 ألف طن نفايات
وتمكنت بلدية غزة خلال الأيام الماضية من جمع وترحيل نحو 15 ألف طن من النفايات ضمن مشاريع تنفذها البلدية على مراحل بالتعاون مع الهيئة العربية الدولية لإعادة إعمار فلسطين وهيئة الأعمال الخيرية إستراليا ضمن جهود التقليل والتخفيف من الكارثة الصحية والبيئية التي تعيشها المدينة.
وأوضحت البلدية في بيان صادر عنها وصل المركز الفلسطيني للإعلام أنه تم جمع وترحيل الكمية المذكورة من النفايات من أصل 100 ألف طن تتراكم في الشوارع منذ بدء العدوان، مؤكدةً أنه سيتم جمع باقي الكمية وفق ما يتوفر للبلدية من مشاريع جديدة.
وأكدت البلدية أن عملية الجمع تستهدف المناطق الأكثر تكدسا للنفايات والتي يمكن الوصول اليها ويتواجد بها المواطنين.
ويمنع الاحتلال الإسرائيلي طواقم البلدية من الوصول مكب النفايات الصلبة الرئيس في منطقة جحر جنوب شرق المدينة وكذلك تعمد تدمير آليات جمع النفايات مما تسبب بكارثة كبيرة وتكدس النفايات في الشوارع.
وتناشد البلدية كافة المؤسسات والمنظمات الدولية والجهات المعنية بالتدخل العاجل لإنقاذ الأوضاع في المدينة وتمكين البلدية من توفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
حصار الصرف الصحي المعطل والمياه الملوثة
الأمم المتحدة في تقريرٍ لها مطلع الشهر الحالي اعترفت بالكارثة الصحية التي تسبب بها العدوان المستمر في قطاع غزة، في دمار كبير في المرافق الخدمية، مما أدى إلى انتشار النفايات وتراكم مياه الصرف الصحي بين خيام النازحين في مدينة دير البلح.
وكان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قد حذر من أزمة بيئة وصحية وشيكة بسبب تراكم تلك المخلفات وأكوام النفايات.
كما أن منظمة الصحة العالمية حذرت مرارا من تأثير نقص المراحيض وخدمات الصرف الصحي على الناس في غزة، الذين لا يستطيع الكثير منهم الوصول إلى المرافق الصحية.
وقالت المنظمة الأممية: مع اقتراب فصل الصيف، ترتفع درجات الحرارة في قطاع غزة بشكل فاقم من الوضع، وهذا ما أكده كامل العلي النازح الفلسطيني من مخيم النصيرات وسط غزة إلى دير البلح. وقال إن هذا الوضع “لا يتحمله الأطفال” على وجه الخصوص، وإن ارتفاع درجات الحرارة هذا وتداعياته يتسبب في إصابتهم بالأمراض.
ونوهت إلى أنّ التكدس الكبير داخل مراكز الإيواء وخارجها مع عدم وجود صرف صحي جيد، أدى إلى تفشي التلوث.
ولفتت إلى أنّ تلوث الصرف الصحي أدى إلى “ظهور أمراض مثل التهاب الكبد الوبائي وبعض الأمراض الفيروسية الأخرى”، فضلا عن تلوث الطعام الشديد مع عدم توافر مياه للغسيل الذي نجم عنه كذلك انتشار للأمراض.
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أشار قبل أيام إلى تفاقم أزمة الصرف الصحي الخطيرة في الأصل مع اقتراب فصل الصيف، لاسيما بعد انهيار نظام معالجة مياه الصرف الصحي.
تحذير من تزايد خطر الأمراض المعدية
وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان حذر في وقت سابق من تزايد خطر انتشار الأمراض المعدية والفتاكة في قطاع غزة، خاصة بين الفئات الهشة، حيث يواجه السكان تهديدًا متزايدًا في ظل الكارثة الصحية المتفاقمة بفعل استمرار جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
ونبه الأورومتوسطي إلى أن كوارث صحية وبيئية آخذة بالتفاقم وبشكل متسارع نتيجة تواصل الهجمات العسكرية الإسرائيلية المدمرة، ولها تداعيات خطيرة وكارثية على صحة السكان والبيئة العامة، محذرًا من أن الأطفال، خاصة المواليد الجدد، وكبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، هم الأكثر تأثرًا بهذه الكارثة الصحية.
270 ألف طن من النفايات المتراكمة
واستعرض الأورومتوسطي جوانب من التأثيرات الصحية والبيئية للحرب، مشيرًا إلى تراكم أكثر من 270 ألف طن من النفايات الصلبة في قطاع غزة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، والمنتشرة في التجمعات السكانية والطرقات والساحات والمستشفيات بما في ذلك النفايات الصحية، وذلك بسبب تدمير مرافق إدارة النفايات ونظام جمع ومعالجة النفايات في القطاع، وهو ما يشكل كارثة بيئية وصحية بحد ذاته، ويهدد بأن يكون مصدرًا آخر لانتشار أمراض وأوبئة، الأمر الذي بدأ يظهر بوضوح في مخيمات النزوح المكتظة، لاسيما في ظل تدمير الهياكل الأساسية لخدمات المياه والصرف الصحي.
ففي مدينة غزة وحدها، يتجمع نحو 90 ألف طن من النفايات في الطرقات وفي محيط مراكز الإيواء بشكل كبير، مما أدى إلى إغلاق بعض الطرقات جزئيًّا وكليًّا لتجميع النفايات وبعض المناطق الأخرى، إضافة إلى انتشار الحشرات والقوارض الضارة المسببة للأمراض والأوبئة.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن وجود آلاف الجثامين في الطرقات وتحت أنقاض المنازل وتحللها، ونهشها من القطط والكلاب يشكل عاملًا إضافيًّا لانتشار الأوبئة والأمراض المعدية وتهديدها الصحة العامة والبيئة في قطاع غزة.
ورصدت الجهات الصحية في قطاع غزة نحو مليون إصابة بأمراض معدية، دون أن تتوفر لديها الإمكانيات الطبية اللازمة لمعالجتها، بينهم آلاف المصابين بالتهاب الكبد الوبائي الفيروسي.
ووفقًا لتحليل جديد شامل أصدرته مجموعة التغذية العالمية، فإن ما لا يقل عن 90% من الأطفال دون سن الخامسة مصابون بمرض معدٍ واحد أو أكثر. وأصيب 70% بالإسهال في الأسبوعين الماضيين، أي بزيادة قدرها 23 ضعفًا مقارنة بخط الأساس لعام 2022
“}]]