[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
يقال في الأمثال “الابن سر أبيه”، و”على أعراقِها تجْري الْجِيَاد”.. فقبل تسعة عشر عاما، اغتال الاحتلال الإسرائيلي أحد أبرز قادة كتائب القسام في قطاع غزة، الشهيد القائد، فوزي أبو القرع “أبو السعيد”، كان ذلك بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة مباشرة.
ولم يكن يوم جر الاحتلال أذيال خيبته من غزة في سبتمبر/ أيلول 2005، بعد أكثر من 38 عاماً من الاحتلال للأرض والتنكيل بحق الشعب ومعاناة الاعتقال والأسر، إلا بوقع ضربات وعمليات المقاومة الفلسطينية التي أجربته نوعيتها ونتائجها العسكرية الواسعة، التي كان أبو القرع أحد أبطالها.
ينتمي أبو القرع إلى مخيم جباليا شمال قطاع غزة، وحضر بقوة في كل عدوان أو حرب إسرائيلية، وعُرف بفكره ومهاراته العسكرية، وكان له دور في الإضافات الهندسية إلى التصنيع الصاروخي في وحدات التصنيع لكتائب القسام حيث شارك في صناعة وتطوير قذائف الهاون والصواريخ والعبوات المتفجرة والأحزمة الناسفة.
وحتى استشهاده رفقة قائد كتائب شهداء الأقصى الشهيد، حسن المدهون، عمل الشهيد أبو القرع على الوحدة بين فصائل المقاومة وعملها العسكري الميداني، كان مسؤولاً مباشراً وأحد القادة المخططين للعمليات الاستشهادية الكبيرة والنوعية والمشتركة مع الأجنحة العسكرية للفصائل الأخرى والتي أصابت بنكاً من الأهداف لدى الاحتلال وأربكت “أمن الاحتلال” حتى اكتسب لقب “مهندس العمليات النوعية في غزّة”.
استشهد “أبو السعيد” كما كان يُكني نفسه، وكانت زوجته حاملا بطفل لكنه رحل دون أن يراه، ليُسمى من بعده على اسمه فيكون: فوزي فوزي أبو القرع، وينشأ على درب والده، ويكون كما قالت العرب قيدما “ما أشْبَهَ حَجَلَ الْجبال بألوان صخرها”!
فحتى إذا ما بلغ فوزي الاين 19 عاما في هذه الحرب اغتالته إسرائيل ورفاقه ممن أخذوا على عاتقهم تأمين شاحنات المساعدات الغذائية المعدودة التي تصل قطاع غزة من لصوص الطريق وقُطّاعها، ليلتحق صباح يوم 24 سبتمبر/ أيلول 2024، بوالده الذي قضى في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.
قبل خروجه للتأمين، أخبر أهله أنه رأى في المنام حورية جاءت إليه بينما هو جالس وسط أهله وقادته معها، ثم خرج لمهمته ولم يعد، كانت أمه تدعو بأن ينجو من إصابته لأسبوع كامل، “لكن رؤيا الشهداء حق، وقد زف اليوم إلى حور عينه”، يقول أحدهم في نعيه للشهيد ابن الشهيد.
ويضيف: “كرامات الشهداء لا تنتهي، ويا لسعد والده وهو يستقبل نجله شهيدا بطلا على أبواب الجنة، ويا لسعد ابنه وقد رأى مقامه ومكانه قبل استشهاده، تلك ذرية بعضها من بعض، وهؤلاء من توارثوا المجد كابرا عن كابر، فمن قال أن الشهداء يموتون فهو واهم”.
فوزي ليس الوحيد ابن المقاوم الذي قضى نحبه من قبل أبيه، فكثير هي القصص وقليل مما يكشف عنه، إذ كتب مراسل التلفزيون العربي إسلام بدر على منصة “إكس” بتاريخ 7 يونيو/ حزيران 2024: “سألت شابا أعرفه، ماذا تحمل في الكيس؟ حكى لي.. أخوي عبد الحي، كنت أبلهاً.. فالوقت صبيحة الانسحاب من جباليا والناس بين متفقد ركام بيته أو بقايا جثمان فقيده! والمكان قريب من مستشفى كمال عدوان!”.
ويضيف: “تحامل الشاب على نفسه غافرا بلاهتي وأخبرني أن هذا ما تبقى منه.. كأنه يبرر لي!!، وإذا كنت مهتما بأن لا يكون الشهداء أرقاما عابرين.. ابحث في الإنترنت عن الشهيد عبد الحي النجار من مخيم جباليا.. صاحب الوجه الأسمر، خطيب جباليا المفوه وأسدها الهصور.. وسمي شهيد اليوم على اسمه، حملا الاسم نفسه وشرف الشهادة أيضاً”.
ففي معركة أيام الغضب ما بين 29 سبتمبر وحتى 16 أكتوبر 2004، يوم أن انشغل الناس بالدفاع عن المعسكر، انتدب القسام أهم رجل عملياتي عرفته المقاومة الفلسطينية لتنفيذ استراتيجية الهجوم على مستوطنات الغلاف بالتوازي مع العمليات الدفاعية عن المعسكر، يقول المحلل المختص بالشأن الفلسطيني سعيد زياد.
يومها قام القائد الشهيد فوزي أبو القرع بتجهيز خطط الغارات وعمليات التسلل، والاستشهاديين، وبدأت العمليات تدك مستوطنات غلاف غزة، كان أبرز هذه العمليات هي عملية الشهيد عبد الحي النجار رحمه الله، استشهد عبد الحي، غازياً، مقتحماً، ورزقت أسرته بطفل بعدها أسموه (عبد الحي) تيمناً باسم الشهيد. استشهد عبد الحي الثاني في حرب الإبادة على غزة، وتمزق أشلاء، حتى أصبحت جثته تُحمل في كيس.
“}]]