باريس/PNN- تحت عنوان: “توترات في قلب حكومة الحرب” الإسرائيلية، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن الخلافات والانقسامات الحكومية تؤثر على الهيئة المسؤولة عن تنفيذ العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
واعتبرت الصحيفة أن حكومة الحرب الإسرائيلية التي حافظ أعضاؤها، الذين يقودون العمليات العسكرية في غزة وعلى الحدود اللبنانية وفي الضفة الغربية المحتلة، على وهم الوحدة الوطنية على رأس الدولة، تعكس صورة الأمة الإسرائيلية، الموحدة في الحداد وفي أكبر تعبئة عسكرية في تاريخها (أكثر من 350 ألف جندي احتياطي)، ولكنها مشوشة ومنقسمة بشدة.
وقالت الصحيفة إن أعضاء حكومة الحرب هذه في تناقض مستمر مع تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: وزير الجيش يوآف غالانت ورئيسي الأركان السابقين بيني غانتس وغادي آيزنكوت. انضم هذان المسؤولان المنتخبان من المعارضة إلى الحكومة في اليوم الخامس من الحرب.
ويعد زعيم حزب شاس الإسرائيلي المتشدد، أرييه درعي، الذي أدين مرتين بالفساد والتهرب الضريبي، الممثل الوحيد في حكومة الحرب لائتلاف الأحزاب الأصولية الدينية، الذي أوصل نتنياهو إلى السلطة في ديسمبر/ كانون الأول عام 2022. هذا الحليف القديم، المحنك سياسيا، يحتل مقعد مراقب في مجلس الوزراء. ويقود السيد درعي حزبًا يرفض أغلب ناخبيه الخدمة العسكرية ويسعى إلى الحفاظ على الإعانات الحكومية الضخمة الممنوحة في الربيع.
قرار بالإجماع
ويتخذ أعضاء مجلس الوزراء الحربي قراراتهم بالإجماع، بتوجيه من قادة الجيش والأجهزة الأمنية. ومن بين الجنرالات الثلاثة المعنيين، بدأ وزير الجيش، غالانت، هو الأكثر ميلاً إلى افتراض امتداد إقليمي للصراع. وقد أشارت العديد من وسائل الإعلام الأمريكية، بتفصيل كبير، إلى تحذير مسؤولي إدارة بايدن له عندما دعا إلى شن هجوم وقائي ضد حزب الله اللبناني في الشمال خلال الأيام الأولى من الحرب.
غادي آيزنكوت، من جانبه، هو أحد آباء ما يسمى بعقيدة “الضاحية” العسكرية، التي سميت على اسم منطقة في بيروت دمرتها القنابل الإسرائيلية خلال حرب عام 2006 ضد حزب الله. ويفترض هذا المبدأ رداً غير متناسب ورادعاً على أي هجوم. ويشير عدد الضحايا المدنيين في غزة، مقارنة بأهمية الأهداف المستهدفة، إلى أن العقيدة شهدت توسعا غير مسبوق خلال الصراع الحالي، توضّح “لوموند”.
وكان سلف غادي آيزنكوت على رأس الجيش، بيني غانتس، يحظى بتوافق أكثر، ويعتبره أقرانه “مرتاحا”. دخل السياسة منتصرًا في عام 2019، ولم يتعاف أبدًا من تحالفه في العام الموالي مع نتنياهو، الذي جذبه إلى حكومته من خلال الوعد بأنه سيخلفه دون احترام هذا الالتزام على الإطلاق، تتابع “لوموند”، مضيفة أن الجنرال غانتس يسعى الآن إلى مواجهة تأثير الوزراء اليمينيين المتطرفين، الذين يرفض نتنياهو التخلص منهم والذين يفرضون أنفسهم كقوة معارضة داخل الحكومة. فيوم الخميس المنصرم، تجرأ وزير الأمن القومي، إيتامار بن غفير، على التشكيك في شرعية حكومة الحرب، وهي هيئة غير مسبوقة تم إنشاؤها خصيصًا لإبعاده عن إدارة الحرب. واعتبر بن غفير أن هؤلاء الرجال الخمسة ليس لديهم “تفويض” لإصدار أمر، تحت الضغط الأمريكي، بوقف يومي للقصف على غزة.
وطالب هذا العنصري اليهودي بالمصادقة على الاستراحات من قبل مجلس الوزراء الأمني، الذي يضم جميع الوزراء المعنيين بالمجهود الحربي، بما في ذلك وزراء النقل والصحة والاقتصاد. ولم يلتق نتنياهو بهؤلاء الوزراء منذ أسبوع، وهو ما تسبب في تلقيه للإدانة من المستشار القانوني للحكومة، الضامن للتوازن المؤسسي، تُشير “لوموند”.
وتابعت “لوموند” التوضيح أن بن غفير يَعمل مع حليفه بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية ووزير الجيش في الأراضي المحتلة، على تأجيج الفوضى في الضفة الغربية، وقد تحدثا لصالح إعادة احتلال وإعادة استعمار غزة بعد الحرب. ويعملان على تأجيج التحريض في صفوف حزب الليكود (حزب نتنياهو) من أجل تقديم مشروع قانون من شأنه أن يسمح بعودة المستوطنين اليهود إلى غزة. واضطر نتنياهو يوم الخميس الماضي إلى استبعاد هذا الاحتمال في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأمريكية.
وأوضحت “لوموند” أن جنرالات حكومة الحرب يشتركون في أنهم حذروا رئيس الوزراء منذ أشهر من خطر وقوع هجوم كبير ضد إسرائيل. فبينما كانت البلاد ممزقة بسبب الإصلاح القضائي الذي يرغب فيه نتنياهو، أشار هؤلاء إلى أن “حركة حماس، مثل عرابها الإيراني وحليفها حزب الله اللبناني”، حكموا على إسرائيل بأنها أضعفت بشكل لم يسبق له مثيل. وفي يوم 24 من يوليو/تموز الماضي، وهو يوم التصويت على الجزء الأول من هذا الإصلاح المثير للجدل، رفض نتنياهو استقبال رئيس الأركان، هليفي، الذي أراد أن يشاركه التحليلات المثيرة للقلق حول الاستخبارات العسكرية، تقول “لوموند”.
المسؤولية عن الكارثة
ومضت “لوموند” قائلة إن غالانت ناشد رئيس الوزراء ووزير العدل ياريف ليفين (مهندس الإصلاح) التوصل إلى حل وسط في اللحظة الأخيرة. من جانبه، حذر آيزنكوت الأصوليين الدينيين المنتخبين داخل الائتلاف الحاكم، من كارثة قادمة.
في الآونة الأخيرة، طلب سكرتير الحكومة تساحي برافرمان، وهو مساعد مقرب من نتنياهو والذي يحضر اجتماعات مجلس الوزراء، من إدارته جمع محاضر اجتماعات مجلس الوزراء الأمني خلال هذه الفترة وفي السنوات التي سبقتها. وبحسب صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، فقد حظرت المستشارة القانونية لمكتب رئيس الوزراء هذا الجمع، واعتبرته غير قانوني. ويُنظر إلى خطوة برافرمان على أنها جزء من جهود نتنياهو لتحميل الجيش كارثة يوم السابع من أكتوبر – أي هجوم حماس المباغت وغير المسبوق، والذي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 1400 شخص على الأراضي الإسرائيلية.
وأوضحت “لوموند” أن جنرالات حكومة الحرب وقفوا مرتين ضد الاتهامات التي وجهها نتنياهو ضد رؤساء الأجهزة الأمنية، وضد جنود الاحتياط وضباط الجيش السابقين رفيعي المستوى الذين تظاهروا ضد إصلاحاته. وانضم إليهم حلفاء مهمون لرئيس الوزراء الذين يشعرون بالغضب من محاولات إلقاء اللوم هذه، بما في ذلك عدة أصوات من صحيفة “إسرائيل هايوم” اليومية اليمينية، وهي صحيفة مخصصة منذ فترة طويلة للدفاع عن نتنياهو، والذين دعوا مؤخرًا إلى استقالته من رئاسة الوزراء.