[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
تتساقط علينا القذائف كما المطر، ولا نستطيع حتى فتح النوافذ جراء إطلاق النار العشوائي من الدبابات الإسرائيلية، ومسيرات الكواد كابتر، لا نستطيع الخروج من المنزل لقضاء حاجياتنا، مفروض علينا حظرًا للتجوال بفعل النيران الإسرائيلية.
كلمات تحدث بها المواطن إياد مقداد عبر الهاتف لمراسل المركز الفلسطيني للإعلام واصفًا حالًا مزريًّا يحل بمواطني جباليا وشمال قطاع غزة، جراء الإبادة الجماعية التي تشتد منذ أيام في المنطقة، فيما بدا تنفيذًا غير معلن لخطة الجنرالات.
يقول مقداد: إن الوضع في عموم شمال قطاع غزة قاهر، وقاس، والناس يبادون بلا أي فزعة، أو ناصر، لا ماء ودواء، ولا غذاء، الجثث في الشوارع، من يخرج يقتل، أو يلاحق بالرصاص، هنا نباد بكل ما للكلمة من معنى، “لكن فشرت عيونهم، باقون في شمالنا”.
هجمة شرسة وإخلاءات جديدة
تتعرض محافظة شمال قطاع غزة لهجمة إسرائيلية جديدة شرسة، تمضي في يومها الثامن توالياً، بعد الهجوم الواسع الذي شنه حيش الاحتلال على مناطق بيت حانون، بيت لاهيا، جباليا، فارضاً حصاراً مشدداً، منع معه إمدادات المياه والطعام والدواء، بينما راح ضحيته عشرات الشهداء ومئات الجرحى وأخرج منظومته الصحية عن العمل.
وتخترق اليوم أوامر إخلاء جديدة جدران مناطق أخرى شمالاً، منها منطقة جباليا البلد، النزلة، أبو اسكندر، حتى حدود منطقة الشيخ رضوان، في محاولة لتهجير مَن تبقى من السكان، لكن النتيجة كانت ثباتاً غزياً بقدر الدمار (..).
ويُعد هذا الاجتياح الثالث، الذي ينفذه الاحتلال في منطقة الشمال منذ بداية حرب الإبادة الجماعية في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بينما تبلغ مساحة منطقة شمال قطاع غزة بما فيها مدينة غزة نحو 110 كيلومترات مربعة، وتشكل ما يعادل ثلث مساحة قطاع غزة.
نسف وتدمير
وأقدم جيش الاحتلال فجر اليوم على تنفيذ عمليات تفخيخ ونسف ضخمة لمنازل المواطنين في عدة مناطق شمال قطاع غزة، منها التوام والصفطاوي، وشن غارات تجاه جباليا البلد وحي الزيتون وقصف مدفعي مكثف على منطقة قليبو وبيت لاهيا ومخيم جباليا، في محاولة لتهجير أهل الشمال وكسر ثباتهم في مناطقهم.
وحول ذلك، أكد الدفاع المدني في بيان له أن جيش الاحتلال ارتكب مجازر بحق المدنيين راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى، ولا زالت الجثامين ملقاة في الشوارع ويصعب الوصول إليها بسبب استهداف طواقم الإسعاف والدفاع المدني، والقصف العنيف المستمر.
وأوضح أن الجيش الإسرائيلي يهدد المواطنين الذين يزيد عددهم في مناطق وأحياء محافظة شمال القطاع عن 200 ألف نسمة، ويطالبهم بإخلاء منازلهم.
خطأ جوهري
بدوره، وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التطورات الأخيرة في شمال غزة بـ”المروعة بشكل خاص”، موضحاً أن هناك “تكثيفاً واضحاً للعمليات العسكرية الإسرائيلية”، ومشيراً إلى أن حوالي 400 ألف شخص يضطرون مرة أخرى للانتقال جنوباً إلى منطقة مكتظة وملوثة وتفتقر إلى أساسيات البقاء على قيد الحياة.
وأضاف “غوتيريش” أن العائلات في مخيم جباليا للاجئين في الشمال أُمرت بالمغادرة للمرة الرابعة، مؤكداً أن “هناك خطأ جوهري في الطريقة التي تتم بها إدارة الحرب”.
وأمس الجمعة، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عن توقف جميع مركبات الإسعاف التابعة لها في شمال القطاع غزة عن العمل بسبب نفاد الوقود اللازم لتشغيلها، وذلك إثر الهجوم الإسرائيلي البري المتواصل لليوم السابع على التوالي والمتزامن مع حصار مشدد مفروض على المحافظة.
وقال المتحدث باسم الجمعية رائد النمس إن 6 مركبات إسعاف خرجت عن الخدمة تماما بسبب نفاد الوقود ومنع الاحتلال الإسرائيلي إدخال أي كميات منه إلى شمال القطاع ضمن الحصار المطبق الذي يفرضه هناك.
وأدى هذا التوقف إلى شلل في القدرة على تقديم الخدمات الإسعافية للمصابين والمرضى هناك.
وأعاق استمرار الهجوم الإسرائيلي والحصار المفروض على شمال القطاع عملية إجلاء 80 مريضاً من مستشفيات الشمال إلى مستشفيات مدينة غزة ووسط وجنوب القطاع، وفقاً للهلال الأحمر.
من الشمال إلى الجنة
ورغم كل هذا، إلا أن سكان شمال قطاع غزة، يبدون صلابة منقطعة النظير، ويرفعون شعار “من الشمال إلى الجنة”، لن يبرحون شمالهم الصامد، ولن يتركوه للغريب المجرم، يفضلون الموت فيه، على تركه، مؤكدين أن الموت أفضل ألف مرة من النزوح.
المواطن معاذ أبو فرج من سكان الترنس في مخيم جباليا يقول لمراسلنا: يحلمون أن نغادر منازلنا، لن نترك شمالنا ولا معسكرنا، إلا شهداء إلى الله.
يتابع في حديثه لمراسلنا عبر الهاتف وأصوات إطلاق النار تسمع بين الفينة والأخرى، إضافة لغارات وقصف مدفعي، أن الاحتلال يفرض حصارًا خانقًا على المخيم، ولا يسمح بأي حركة، ومن يتجول أو حتى يخرج رأسه من النافذة، يتعرض لإطلاق النار المباشر بغرض القتل.
يؤكد أن هناك عشرات الجثث في الشوارع، ومصابون لا يستطيع الدفاع المدني إجلائهم، الاحتلال يمعن في قتل الناس، وإبادتهم، مشيرًا إلى نفاد الاحتياجات الأساسية من مأكل ومشرب وملبس.
الصحفي يوسف فارس يقول إن الواقع يقول إن جيش الاحتلال ينفذ أكبر عملية تهجير قسري في شمال قطاع غزة، لكن أدواته مغايرة لما تحدث عنها في خطة الجنرالات، نحن نواجه الموت ليس جوعًا بل قصفا.
ويتابع في منشور له عبر فيسبوك أن لدى العدو متسع ليفعل ما يشاء، طالما لا تستجر جرائمه حتى مجرد الإدانة والاستنكار، أهل الشمال في امتحان عظيم، وابتلاء كبير، إخلاء المنازل والمناطق يعني الخروج منها إلى الأبد، ومجرد فكرة النزوح إلى الجنوب تجعل الجميع يفاضل بين الموت في بيته أو النزوح، وترجح كفة الموت في أغلب الأحيان.
وختم تغريده قائلأ: “ضاقت يا رب”.
برنامج الغذاء العالمي أكد في بيان له أن خطوط الإمدادات الغذائية إلى شمال قطاع غزة منقطعة تمامًا منذ الأول من أكتوبر، ما يعزز فرضيات شروع الاحتلال بتجويع الناس وقتلهم تمهيدًا لإخلاء الشمال تطبيقًا لما يعرف بخطة الجنرالات.
وتهدف خطة التطهير الإسرائيلية، التي أعدها اللواء المتقاعد جيورا إيلاند، إلى إخلاء شمال غزة من سكانها البالغ عددهم 400 ألف نسمة لإفساح المجال أمام إقامة “منطقة عسكرية مغلقة”.
صمود شعبي
وأبرز موقع ميدل إيست البريطاني تصاعد حالة الصمود الشعبي الفلسطيني في مواجهة خطة التطهير العرقي الإسرائيلية الهادفة إلى تهجير المواطنين قسرا من مناطق شمال قطاع غزة.
وقال الموقع إن جيش الاحتلال الإسرائيلي ينفذ خطة تهدف إلى تطهير عرقي فعلي للسكان الفلسطينيين في شمال قطاع غزة بعد حصار قد يستمر أشهرا، لكنه يجابه بصمود شعبي فلسطيني ورفض قاطع للتهجير.
“خطة الجنرال”، التي أطلقت في حملة تلفزيونية إسرائيلية في سبتمبر/أيلول الماضي، دعت إلى التطهير العرقي لشمال غزة.
وقال ايلاند الشهر الماضي “الشيء الصحيح الذي يتعين علينا فعله هو إبلاغ ما يقرب من 300 ألف من السكان الذين بقوا في شمال قطاع غزة… إننا نأمركم بالمغادرة، وخلال أسبوع ستصبح كامل أراضي شمال قطاع غزة أراضي عسكرية”.
“}]]