[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
يجسد سكان القطاع غزة منذ 10 أشهر على مواصلة الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة التي يشنها على القطاع، قوة وعزيمة لا مثيل لها في مواجهة سياسة إبادة البشر والحجر، مما يعكس صمودهم وإصرارهم على البقاء على أرضهم والدفاع عنها مهما كانت الظروف.
ورغم ما يعانيه مليوني مواطن في غزة من انعدام للمواد الغذائية الصحية مثل الخطار والفاكهة واللحوم، وشح شديد في المياه الصالحة للشرب والدواء، يصر المواطنون على إضاءة بضعة شموع تخبرهم بأنه لا يزال حياة تنتظر أطفال عليهم أن يهيئوا أنفسهم لها، كما في هذا الفيديو.
وتظهر في الفيديو فتاة عشرينية وقد نصبت لوحاً مدرسياً مطلي باللون الأخضر كان ضحية للقصف الإسرائيلي الذي طال عشرات المدارس في قطاع غزة. وأمامها يتجمع عشرات الأطفال يحملون كراسات وينصتون باهتمام لما تتحدث به وتدونه على اللوح.
وبكلمات تحمل إصراراً شديداً واعتزازاً بالهوية والكينونة الفلسطينية، قالت مسنة فلسطينية آثرت البقاء في مدينة غزة على النزوح إلى جنوبها: “إحنا الشعب اللي ما يهزو ريح.. احنا الفلسطينية”.
وأضافت بعنفوان رددت كلمات من قصدية “دع سمائي” للشاعر المصري الراحل كمال عبدالحليم: “أبي قال لنا هنا مزقوا أعداءنا”.
وتابعت مقسمة: “والله لو معي سلاح لأطلع معاهم. احنا ما بننهزم. حتى لو متنا حيطلع غيرنا. احنا قسام وعن حقنا يا إسرائيل ما بنام. والله لناخد حقنا. والله لننتصر مهما فعلوا. هذه أرضي وأرض أبي وأرض أجدادي”.
ومن أمام حطام مدرعة إسرائيلية محترقة، قال رجل غزي يجيد الإنجليزي بكلمات وجهها إلى العالم: “في قاموسنا لا توجد كلمة تعبت أو راية بيضاء”.
وخاطب مشاهديه قائلا: “لكل شخص حول العالم، أحبائنا وأعدائنا، خصوصاً أمريكا الصهيونية. نعم المعاناة كبيرة. نعم الجرح عميق. الخسارة كبيرة، خسرنا صحتنا وعائلاتنا وأبناء عمومتنا وأصدقاءنا وجيراننا.. حقا خسرنا كل شيء في غزة، لكن عليكم أن تعلموا أمراً واحداً.. في قاموس حياتنا لا يوجد كلمة معناها تعب. في جعبتنا لا توجد راية بيضاء، فقط لدينا خيار واحد. الآن نحن نعيش في الجنة وخيارنا أن نعيش في الفردوس الأعلى.
أمام محمد سحويل، وهو دكتور صيدلية عمل في المهنة مدة 40 عاماً، نزح من مدينة رفح إلى خان يونس، فاختار أن ينشئ صيدلية داخل خيمة على الرصيف المقابل لمستشفى ناصر ويوفر أدوية لمساعدة المواطنين في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة.
ويقول، إنه اختار حمل كافة الأدوية التي تضمها صيدليته معه، ولم يكن يدرك كيف الاستدامة بمواصلة عمله الذي لم يتوقف حتى اجتياح الاحتلال لمدينة رفح في مايو/ أيار الماضي.
ويدرك سحويل أن الأجواء العامة والصحية المحيطة بصيدلية “الشفاء” غير صالحة لتخزين وحفظ الأدوية، مشيراً إلى أن حاجة المواطنين للعلاج تدفعه للاستمرار رغم كل النواقص، ومنح المرضى بدائل عن الأدوية المفقودة”.
وبحشرجة ملأت صوته ختم حديثه: “صعب عليّ بعد هذا العمر أن أبيع دواء على الشارع. حزين جداً أن تكون الأدوية في مكان كهذا غير لائق للمريض أو لا للعلاج”.
وفي مقطع مصور، شددت سيدة على عدالة القضية الفلسطينية، “سنبقى حتى آخر قطرة دم، وحتى آخر رضيع”.
وأشارت السيدة بقين إلى بيتها المدمر، قائلة: “حجر، مجرد حجر راح ينبى أحسن من الأول”.
وبينما انهمكت في تجهيز فرن من الطين، قالت عجوز من مخيم جباليا: “مش طالعين من أرضنا. وطنا غالي وبده تضحية. رغم الحصار ورغم الدمار عايشين”.
وأضافت: “وطنا غالي ما بنشرى بثمن.. وبده كل شيء”.
ثقافة الصمود
من جانبه، يقول الباحث في علم الاجتماع السياسي، د. عمار علي حسن: “إذا كان صمود المقاومين يكمن في قدرتهم على مواصلة القتال بالكفاءة نفسها، فإن صمود الشعب يتمثل في التكيف السريع مع ظروف قاهرة، وإدارة كل فرد، أو أسرة، أو عائلة، حياتهم اليومية بما لا يُمكّن المحتل من تحقيق هدفه في تهجير سكان القطاع، أو تحقيق انتصار كاسح على المقاومة”.
ويضيف في مقال نشره موقع الجزيرة نت: “استنهض الغزيون قدرة البشر على التكيف مع الألم عند حده الأقصى، ثم تحويل المشكلة إلى فرصة، والتحدي إلى استجابة، والمحنة إلى منحة، والمأساة إلى ملحمة، واليأس إلى رجاء”.
ويوضح أن سكان غزة يعيشوا كل يوم “كأنه هو الحياة بكاملها، ويعترفوا ويقروا بأن دفع الثمن الباهظ هو جزء أصيل من العيش، وأنّ عليهم أن يعتبروا ما هم فيه ليس استثناء عابرًا، إنما قاعدة حياتية مقيمة، وكأن هذه هي الحياة الطبيعية، التي عليهم أن يحيوها، مادام أن وقف القتال ليس بأيديهم”.
ويشدد على أن هذه النماذج تشكل تفاصيلها المعنى الحقيقي لـ”ثقافة الصمود”، وتقدم للإنسانية كلها درسًا بليغًا وتجربة عميقة، لا يمكن أن تسقط من ذاكرة المنشغلين بهموم الناس، ومعهم أولئك المعنيون بالبحوث الاجتماعية والنفسية والأنثروبولوجية، أو بالتجليات الروحية، وكذلك من المتحمسين للدراسات الثقافية، التي ترى في اليومي والاعتيادي تعبيرًا حقيقيًا عن ثقافة البشر.
“}]]