بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام
أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس خلال تشييع الشيخ صالح العاروري ورفاقه القادة إلى مقبرة الشهداء في بيروت، على جملة من الثوابت التي ستمضي فيها الحركة رغم العدوان الصهيوني الغاشم، ووجهت عددًا من الرسائل السياسية والعسكرية التي تتوعد الاحتلال الصهيوني، بأنّ الجريمة الآثمة لن تفت في عضد الشعب الفلسطيني أو في عزيمة المقاومة، موجهة رسالة واضحة للعدوّ الصهيوني ومن يقف خلفه داعما عسكريا وسياسيا: “خسئتم لن نرفع الراية البيضاء”.
كما وجّه ممثلون عن حزب الله والجماعة الإسلامية في لبنان رسائل بالغة الأهمية في سياق امتزاج الدم الفلسطيني بالدم اللبناني في طوفان الأقصى بمواجهة العدوان الصهيوني، والتأكيد على أنّ هذه الجريمة النكراء لن تمر دون رد.
مواصلة المضيّ في طريق الشوكة
أكّد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أنّ عملية اغتيال الشهيد القائد صالح العاروري في قلب العاصمة بيروت “دليلٌ على العقلية الدموية للاحتلال، ونهجه منذ عقود”.
وخلال تشييع الشهيد القائد العاروري ورفيقيه الشهيدين في العاصمة اللبنانية بيروت، قال هنية، عبر كلمة صوتية، إنّ “سياسة الاغتيال ممتدة منذ أن طالت أيضاً قيادة المقاومة الإسلامية في لبنان، كما حدث مع السيد عباس الموسوي”.
وشدّد على أنّ هذه المجزرة ستبقى شاهدة على “دموية الاحتلال، كمجزرة صبرا وشاتيلا”، وأنّ العدو خاب اعتقاده بعد أن ظنّ أنّه “سيتمكن من إحباط الشعب، من خلال عمليات الاغتيال”.
وأضاف هنية أنّ “فلسطين ولبنان يودّعان اليوم، مع أبناء الأمّة، رجالاً أشدّاء خاضوا غمار المعارك في كل الميادين والاتجاهات”، موضحاً أنّ الشهيد العاروري “حمل الأمانة ورفع الراية قائداً في حركة حماس المجاهدة، وكان على رأس قيادة الضفة، بحيث رسم مسارات استراتيجية”.
وذكر، في هذا السياق، أنّ “الضفة تواجه تحديات متعددة من العدو، ومن القريب والبعيد، لكن الشهيد العاروري نجح في استئناف المقاومة فيها”.
وقال هنية: “سنمضي في طريق الشوكة ذاته، أوفياءً لدماء الشهداء في غزة والضفة ولبنان، وفي كل جبهات المقاومة، التي تساند شعبنا وغزتنا”.
وأكّد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أنّ العدو فشل في ضرب روح المقاومة وفي فرض شروطه على طاولة المفاوضات، كما أنّه “لن ينجح في جعل الحركة تتخلى عن استراتيجيتها”، مشيراً إلى أنّ المعركة طويلة، لكن “قدرتنا وإرادتنا أكبر وأعظم، فنحن على يقين بالنصر”.
لن نرفع الراية البيضاء
بدوره قال عضو المكتب السياسي في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، زاهر جبارين، في كلمة ألقاها خلال تشييع الشهيد العاروري ورفاقه: الحمد لله على نعمة الإسلام، وأن جعلنا من هذه الحركة المباركة حركة المقاومة الإسلامية حماس، الحمد لله الذي شرفني بالتعرف على القائد المؤسس في كتائب الشهيد عز الدين القسام في ضفة العياش ضفة البطولة والفداء، الضفة التي خرجت الاستشهاديين، وأذاقت هذا الاحتلال طعم الموت الزؤام.
وتابع جبارين بالقول: نعم يا شيخي ويا قائدي ويا حبيبي يا أبا محمد، لقد زرعت جيلاً منذ أن عرفناك وأنت في المساجد، تجوب الدنيا في ضفتنا، تجوبها قرية قرية ومدينة مدينة، وتجور مناطق 48، وكذلك غزة البطولة، والتضحية والفداء والعطاء، هذه غزة التي لم تنكسر أيها المجرمون النازيون الفاشيون، يا من كسرتم كل الخطوط، وكسرتم كل المحرمات، التي عرفتها الأديان وعرفتها الإنسانية وعرفتها الأخلاق.
وأضاف، “فأنتم ومن دعمكم بالمال والسلاح والدعم السياسي، خسئتم أن نرفع لكم الراية البيضاء، خسئتم أنّ هذا الشعب أصغر طفل به وامرأة من نساء فلسطين أن ترفع لكم الراية البيضاء، وليس فقط كتائب الشهيد عز الدين القسام، فهذا شعب الجبارين الذي خاض هذا الصراع معكم منذ أكثر من 76 سنة نحن نقاتل، وسنبقى على هذا الدرب بإذن الله يا أبا محمد، وأنت الذي علمتنا أن هذا الاحتلال لا يفهم إلا لغة واحدة ولن يرحل عن أرضنا وقدسنا ومقدساتنا إلا بطريقة واحدة هي البندقية والقتال والشهادة بإذن الله”.
وشدد جبارين بالقول: إنّ هذا الشعب العظيم المبارك الذي اصطفاه رب العزة من بين كل هذا الكون، 8 مليار إنسان، ربنا اصطفانا واحتبانا أن نكون مرابطين على المسجد وفي جوار المسجد الأقصى.
وتابع، “لن نخذلك يا رسول الله، وسندافع عن مسراك، مهما كان الثمن، ومهما كانت التضحيات، فوالله والله، أيها المأفون رئيس الموساد، يهدد حماس البارحة وأبناء الشعب الفلسطيني ويقول: إقرأوا تاريخ عمليات ميونخ، عندما اتخذوا القرار باغتيال كل من له علاقة وضلع في عملية ميونخ”.
وقال جبّارين: نعم، أنتم دولة مجرمة ظالمة متغطرسة، يدعمكم كل هذا العالم المجرم، وأمريكا وبريطانيا وفرنسا التي أمدتكم بالسلاح وكل هؤلاء الذين يحولون هذه المعركة ليست معركة مع احتلال صهيوني، لشعب يجب أن يتحرر مهما طال الزمان ومهما كانت التضحيات، نقول لكم: نحن شعبٌ مسلمٌ يرفض الذلّ والهوان.
وتابع حديثه: نقول بأعلى الصوت، في تشييع الشيخ صالح العاروري الذي كان مربيا وكان معلما وكان مهندسا لكل عمل الضفة الغربية، وعلى رأس العمل المدرسة الفكرية التي تقول: إذا كنت مقاوما وتترأس حركة مقاومة لا يمكن إلا أن تكون شهيدًا أو أسيرًا أو جريحًا.
واستدرك جبارين بالقول: إذا كنت تترأس حركة مقاومة عشرات السنين ولم تكن أحد هذه الثلاثة فابحث عن أي هوية غير المقاومة، قل عن نفسك أي مدرسة غير مدرسة الجهاد والتضحية والفداء، فعهدًا يا أبا محمد ويا أخي عمّار الذي عرفته منذ أن كنّا أشبالاً، أخونا أبو عبدالله، الذي احتضن مجاهدي أهل غزة، أكلنا في بيته من يد والدته وواله كانوا يقدمون يحيى عياش وأو استشهادي زاهر التمام وكانوا يجلسون في بيته، ويؤوي كل المطاردين من الضفة وغزة وكل مكان، رحمك الله يا أبا عبدالله، رحمك الله يا أبا عامر وكل الشهداء.
“أقول إنّ كل الشهداء وهذا الشلال الهادر من دماء هؤلاء الشهداء العظماء، ومن أطفالنا في غزة العزة والبطولة ومن ثم أطفالنا ونسائنا في ضفة العياش، وكذلك في لبنان الحبيبة هنا، في الضاحية والجنوب، وكذلك هذه الدماء التي سالت في العراق وسوريا وفي يمننا الحبيب التي روت هذه الدماء الزكية البحر الأحمر، بإذن الله ستكون طوفانًا تنهي هذا الاحتلال عن أرضنا وعن قدسنا وأقصانا وتنهي هذا الظلم لأبناء شعبنا المستمر منذ 76 عامًا أيها المجرمون الخانعون”، على حد تعبيره.
دماء الشهداء تضيء الطريق
بدوره، قال القيادي في حركة حماس، أحمد عبد الهادي، خلال التشييع، إنّ “العدو واهم إذا ظنّ أنّه يمكنه، عبر غدره، أن يفتّ عضد المقاومة، لأنّ دماء الشهداء لطالما أضاءت طريق المقاومة والتحرير”.
جريمة اغتيال الشهيد القائد العاروري لن تبقى من دون ردّ
من جهته، أكّد مسؤول العلاقات الفلسطينية في حزب الله، حسن حب الله، أنّ “الشهيد القائد صالح العاروري انتصر على إسرائيل”.
وأضاف حب الله، خلال التشييع، أنّ “سياسة الاحتلال عبر الاغتيال زادت في قوة المقاومة وشراستها وعزيمتها، حتى باتت إسرائيل تخاف على وجودها”.
وبيّن أنّ “الجريمة التي ارتكبها الاحتلال مُركّبة من خلال استهداف قيادي في المقاومة، واستهداف لبنان والمناطق المدنية الآمنة”، مشدّداً على أنّ “هذه الجريمة لن تمرّ من دون حساب، فالردّ آتٍ، وعلى العدو أن يتوقع الكثير”.
وأوضح حب الله أنّ “المقاومة اليوم ليست محصورة في منطقة ضيقة، بل هي ممتدة إلى البحر الأحمر”. وتوجّه إلى أهل الضفة قائلاً إنّ “كل رهان على غير المقاومة سقط، فهي ستعيد الحق إلى أصحابه، وهي التي ستحرر الأرض”.
امتزاج الدم اللبناني بالدم الفلسطيني
من جانبه، قال الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان، محمد طقوش، إنّ “الله أبى إلاّ أن يمتزج الدم اللبناني بالدم الفلسطيني”، مضيفاً: “سنُكمل المسيرة نحو القدس والأقصى، وسنحافظ على مكتسبات طوفان الأقصى، وردّنا سيكون في المستوى اللائق بمكانة الشيخ صالح”.
وقبل الخطابات، بدأت مراسم تشييع الشيخ صالح العاروري، الذي استشهد قبل أيام في إثر عدوانٍ إسرائيلي على بيروت.
وترافق تشييع الشيخ صالح العاروري مع تشييع الشهيدين عزام الأقرع ومحمد الريس في بيروت، على أن يوارى في الثرى في مقبرة الشهداء في مخيم صبرا وشاتيلا جنوبي بيروت.
وكان الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، أكد أنّ اغتيال الاحتلال الإسرائيلي للعاروري عبارة عن عدوانين، الأول اعتداء على الشيخ صالح ورفاقه، والثاني اعتداء على الضاحية الجنوبية.
وهدّد نصر الله بالقول إنّ هذه “الجريمة الخطيرة لن تبقى من دون رد وعقاب”، قائلاً: “بيننا وبينكم الميدان والأيام والليالي”.