[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
الاستبسال والصمود .. هما عنوان التحدي في حي الزيتون جنوب غزة، الذي يواجه الاحتياج الثالث الكبير لقوات الاحتلال الإسرائيلي.
ومن بين ركام المنازل المدمرة يخرج أبطال المقاومة من كتائب القسام وسريا القدس وغيرهما من الفصائل، ليتصدوا للاحتلال ويدمروا دباباته ليؤكدوا من جديد أن أرض غزة ستبقى مقبرة للغزاة.
وبدأت قوات الاحتلال فجر الخميس توغلها الثالث في حي الزيتون منذ بدء حرب الإبادة في 7 أكتوبر الماضي، لتجابه بمقاومة شرسة أسفرت حتى الان عن مقتل 4 جنود وإصابة آخرين إلى جانب تدمير عدة دبابات.
يزعم الاحتلال أن عدوانه الجديد على الحي يرمي لاستهداف حركة حماس بزعم أنها أعادت تشكيل نفسها مدنيا وعسكريًّا في الحي، ما يعرض القوات الصهيونية المتمركزة في محور نتساريم للخطر.
جرائم قتل وتوغل بري
ووثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم قتل عشوائي في حي “الزيتون” في جنوب شرق مدينة غزة، في إطار عمليته العسكرية المستمرة لليوم الثالث، بهدف فرض تهجير قسري جديد على المدنيين واستكمال خطط تدمير وتفريغ مدينة غزة وشمالها من سكانها.
وأبرز الأورومتوسطي أن العملية العسكرية للجيش الإسرائيلي في حي “الزيتون” تضمنت توغلًا بريًّا بآليات عسكرية وغارات جوية ومدفعية كثيفة، ما أجبر مئات العائلات على النزوح القسري، لا سيما في ظل عمليات نسف لمربعات سكنية.
واستهل جيش الاحتلال الهجوم البري الجديد بشن عشرات الغارات الجوية على العديد من مناطق الحي الذي يعد من الأحياء الأكثر كثافة، بحيث كان يقدر تعداد سكانه بنحو 80 ألف نسمة.
مراسل المركز الفلسطيني للإعلام أكد أن طائرات الاحتلال قصفت أكثر من 25 منزلا وموقعا في الحي، أغلبها منازل مواطنين، ما أدى لارتقاء عدد كبير من المواطنين، وسط موجة نزوح متكررة.
ووفق مصادر محلية، وصل إلى مستشفيي المعمداني وكمال عدوان 17 شهيدا دفن معظمهم في ساحات المعمداني، إلى جانب عدد من الجرحى.
ولا زال عدد من الشهداء والمفقودين تحت ركام المنازل وفي الطرقات ولا يستطيع أحد انتشالهم بسبب كثافة القصف الإسرائيلي.
يقول “محمد البابا”، أحد النازحين من حي الزيتون: إنهم تعرضوا إلى قصف مدفعي إسرائيلي مكثف على منازلهم منذ ساعات صباح الجمعة، ولدى محاولتهم النزوح بحثًا عن مكان آمن تم استهدافهم بالرصاص من مسيرات للجيش، مشيرًا إلى استشهاد طفلة من عائلة “عابد” أثناء ذلك.
وذكر أن جيش الاحتلال استهدف كذلك بإطلاق النار تجاه عشرات النازحين ممن كانوا يتواجدون في مدرسة “شهداء الزيتون” إثر إطلاق قذائف مدفعية على المدرسة، ما أدى إلى شهداء وجرحى في صفوفهم، بينما لم يستثن الاستهداف الحيوانات التي تجر العربات، والتي يعتمد عليها السكان في النزوح والتنقل.
وفي السياق، قال “طلال صائب الحرازين” لفريق الأورومتوسطي، إنه أصيب مع ابن شقيقه بجروح متوسطة إلى خطيرة بإطلاق نار إسرائيلي أثناء محاولتهم النزوح من منزلهم في حي “الزيتون”، والذي غادروه بعد سقوط ثلاث قذائف مدفعية على الأقل عليه وأحداث دمارًا كبيرًا فيه.
المعركة الثالثة
المعركة الثالثة في حي الزيتون منذ بدء الحرب، كأنها الأولى من حيث قوة المقاومة ورباطة جأش مقاتليها حيث يخوض مجاهدو القسام معارك ضارية مع قوات الاحتلال الإسرائيلي حيث اعترف الجيش المهزوم بمقتل 4 من جنوده في المعارك المحتدمة.
وتنوعت ضربات القسام في معركة حي الزيتون الثالثة من مواجهة وجهًا لوجه، إلى الكمائن بالعبوات الناسفة وقنص الجنود.
أهمية استراتيجية
وتستميت قوات الاحتلال بالسيطرة على حي الزيتون لاعتبارات استراتيجية مهمة أبرزها: هو نافذة على شارعَي الجلاء وصلاح الدين اللذين تسعى إسرائيل للسيطرة عليهما كشارعين رئيسيين، بهدف عزل مناطق القطاع عن بعضها.
ووفق التقديرات؛ يسعى الاحتلال من خلال ارتكاب المزيد من القتل والتدمير والتهجير إلى فرض أمر واقع بتوسيع المناطق العازلة التي يقيمها داخل قطاع غزة لتحصين تمركزه العسكري في محور “نتساريم” الفاصل بين شمال القطاع وجنوبه، وهو الأمر الذي يتكرر منذ أسابيع في مناطق مثل “المغراقة” ومخيم “النصيرات” للاجئين وسط القطاع.
ويبلغ عدد سكان الحي أكثر من 80 ألف نسمة، وهو من أكثر الأحياء اكتظاظا في العالم، وتعمل قوات الاحتلال على منع عودة هذا العدد.
كما أن حي الزيتون هو المدخل الجنوبي لمدينة غزة، وفيه مساحات واسعة من أشجار الزيتون ميزته عسكريا في إفشال اقتحامات جيش الاحتلال.
ماذا تعرف عن الحي؟
تأسّس حي الزيتون في ثلاثينيات القرن الماضي، واستقبل مهجّري نكبة عام 1948، وتعود تسميته لأشجار الزيتون الكثيفة المزروعة في مساحات واسعة؛ ما جعله رئة لقطاع غزة، كما توجد به معالم تراثية مهمة.
ضمن معالم الحي مساجد أثرية مثل “جامع الشمعة”، ومسجد “العجمي”، وجامع “كاتب الولاية” الذي يضم مئذنة عتيقة، مكتوبا عليها كتابات منذ 735 ميلادية.
ويضمّ مقبرة يطلق عليها “تربة الشهداء”، تتوسّطها أعمدة رخامية، نُقِشت عليها شهداء قُتلوا وهم يدافعون عن المدينة ضد الغزاة.
كما يضمّ آثارا إسلامية وكنيسة “برفيريوس”، وهي ثالث أقدم كنيسة في العالم؛ وبُنيت في القرن الخامس الميلادي، وقصفها الجيش الإسرائيلي في 17 أكتوبر الماضي.
ويقع حي الزيتون في قلب المدينة القديمة، ويخترقه شارع عمر المختار أحد أشهر شوارع غزة، ويضم أسواقا تجارية؛ أشهرها “سوق السروجية”.
وفي الحي، عاشت عائلة مؤسّس حركة حماس، الشيخ الشهيد أحمد ياسين، بعد النكبة.
ويضمّ المستشفى المعمداني الشهير الذي بُني مع تأسيس الحي، وشهد مجزرة مروعة في 17 أكتوبر، راح ضحيتها أكثر من 700 فلسطيني.
شهرة قتالية
اكتسب حي الزيتون شهرته العسكرية لمواجهته التوغلات الإسرائيلية في حروب 2004 و2008 و2014؛ حيث انطلقت منه الفصائل الفلسطينية لمهاجمة نقاط انتشار القوات الإسرائيلية في شمال القطاع.
وعن أهمية الحي، يرصد الخبير العسكري واصف عريقات أهمية الحي من الناحية العسكرية، حيث تسعى إسرائيل للسيطرة على الحي لفصل شمال غزة عن الوسط والجنوب، ما يمكنها من قطع الإمدادات اللوجستية عن المقاومة إلا أنه لم يحقق ذلك.
كما يعد وفق عريقات نقطة دخول المساعدات الغذائية بين الشمال والجنوب عبر دوار الكويت وشارع الرشيد.
وهو حي متداخل مع أحياء أخرى من الشمال والجنوب، ما يسمح بهامش واسع من حرية حركة المقاتلين الفلسطينيين.
ويقول عريقات: داخله تتمترس كتيبة الزيتون، التابعة لكتائب القسام، التي تملك خبرة في حرب الشوارع والعصابات؛ ما تسبّب في أن الجيش ما زال في الجزء الجنوبي الشرقي؛ حيث الكثافة السكانية متدنية.
ويتبع المقاتلون تكتيك تدمير رأس القافلة الإسرائيلية المدرّعة وهي تندفع داخل الأزقة الضيقة لوقف تَقَدُّم باقي الرتل العسكري؛ ثم اصطياد الجنود داخل مدرعاتهم؛ لذلك اعتمدت إسرائيل على تغيير خطتها بالاندفاع داخل شوارع أوسع، مثل شارع صلاح الدين وشارعي “8” و”10″، وفق عريقات.
كذلك شكّلت الفصائل ما يسمّى بـ”الفريق القتالي”، وهو مكون من 4 مقاتلين مسلحين يُكلفون بمهمات، ويختفون في الأزقة والشوارع الضيقة ضمن أساليب حرب العصابات.
“}]]