بَصيرةُ الشكر في احتدام المعركة!

[[{“value”:”

إن إيمان المرء يقتضي منه أن يصبر على قضاء الله وقدره ولاسيما في الكوارث والمصائب، وأن يَثبُت على ذلك، فإذا استطاع الصبر أو تصبّر ما يستطيع الصبرَ فيه واجتهد في ذلك، فإن محطته التالية ستكون هي الرضا بما كتب الله له أو عليه، وهذا يجعله مستقرّاً قادراً على الصمود.

ولكن ثمة محطة أخرى بعد الرضا لو وصلها المرءُ فإنه بذلك سيكون في مستوى غير عاديّ من السكينة والطمأنينة والجرأة والاستقرار والقدرة على اتخاذ القرار وسط النار، وهي محطة الشكر.

إنّ الشكر القائم على الصبر والرضا ينتج سلاماً نفسيّاً يبني الروح، ويرمِّم النفس المصابة بسرعة، ويفتح لها الحيوية، ويجعلها مقبلة نشطة مبادِرة.

هذا الشكر هو مفتاح التغيير الداخلي، فإنّه سيجعلك تغيّر سلوكك، وتغير قراءتك للأحداث، وتغيّر القناعات العفويّة التي كوّنتها نفسك الجريحة أو مجتمعُك المصاب الذي يرى من زوايا الوجع، وستغير توقعاتك، وسيجعلك أقرب إلى فهم السياق الكوني للأحداث الكبير التي يقسّمها الله ويدبّرها وفق إرادته الكونيّة، وستصل إلى درجة من اليقين بمآلات الأمور، وتستشعر قرب التدخّل الإلهي “ألا إن نصر الله قريب”.

فـأنْ تشكر الله تعالى على ما قضاه بتسليط هؤلاء الأعداء علينا وفتكِهم كلَّ هذا الفتك المجنون بالضعفاء منّا فهذا يعني أنّك فوّضتَ أمرك لله حقّاً، وأنّك قد أصبحتَ على درجة عالية من الولاية التي تقتضي استحقاق معيّة الله لك، وأنّ الله قد أوضح لك الطريق وأرشدك إلى زاوية الإصابة والنّكاية بالعدو، وأنّك تتحكّم في مساراتك وقراراتك.

هنا يبدأ مسار الشكر العالي: فلابد أن تحمد الله على كل شيء في حياتك وحتى الفتنة والبلاء، وعوِّد لسانك على تعديد نعم الله عليك وعلى مَن معك، وذكِّرهم بأفضال الله عليك وعليهم، وانْهَهُم عن الشكوى التي لا تقترن بحمد الله وتفويض الأمر إليه، وعلِّمهم أنّ الله هو الأعلمُ بما هو الأفضل لنا.

ولا تنشغِل بالطعن في الناس الذين ظهر منهم الخذلان، ولا تنظر في أحوالهم، وأرجِئ أمرهم إلى الله فهو العالم بالصادق منهم والكاذب والغافل، وهو أدرى بتدبيره فيهم، وسيتكفّل بهم سواك.

إن بركتكم يا أهل الثغر المجالدين قد اكتملت شروطُ تحقّقها بمحلٍّ مباركٍ في زمانٍ مباركٍ، وفعلِ الطاعةِ الأبرك والأكبر بوصولكم إلى ذروة سنام الإسلام والارتقاء في سبيله، فارتقِبوا لُطفَ الله وعظيم جزائه وتعويضه لكم.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة