[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
تتصدر مدينة بيت لاهيا، في شمال قطاع غزة، أنباء المناطق الأكثر دموية في العالم، وذلك بفعل العدوان الإسرائيلي المستمر عليها منذ 409 أيام، والذي اشتدت كثافته خلال الـ 45 يومًا الماضية، ضمن جرائم مركزة يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي في شمال القطاع، حتى باتت هذه المدينة وحدها تشهد سقوط عشرات الشهداء يوميًّا فضلا عما تشهده بقية المدن والمناطق في الوسط والجنوب.
بين الجرائم الإسرائيلية المروعة بحق سكان بيت لاهيا، وبين التغطية الإخبارية لها، يحدث ما يشبه سباقًا محمومًا؛ حيث لا تكاد البيانات الرسمية من المؤسسات الصحية والهيئات الحكومية تعلن عن إحصائيات الشهداء والمصابين، حتى تزداد الأعداد قبل أن يجف مداد البيانات.
أكثر من 70 شهيدًا في بيت لاهيا هي حصيلة المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي أمس الأحد، والتي جاءت نتيجة توالي القصف الإسرائيلي على المنازل والبنايات، في ظل عجز منظومة الدفاع المدني في انتشال الجثامين وإنقاذ المصابين بسبب نقص الإمكانات وتدمير المعدات خلال الشهور الماضية، ما يجعل المصابين أكثر عرضة للوفاة ويزيد من عدد الشهداء.
صراخ بلا صدى
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قد أكد في وقت سابق أن جيش الاحتلال ارتكب 4 مجازر وحشية خلال الساعات الماضية؛ حيث قصف عدة عمارات سكنية ومنازل مدنية، استشهد على إثرها أكثر من 72 شهيدا من عائلات غباين وغنيم وصافي وعيادة وعبد العاطي والتلولي في بيت لاهيا.
صرخات استغاثة يطلقها المنكوبون تحت أنقاض منازلهم التي قصفها الاحتلال، لكن هذه الاستغاثات كثيرًا ما تُقابل بعجز عن نجدة أصحابها، وأشلاء تتناثر على جنبات الطريق لا تجد سيارات إسعاف تحملها في ظل توالي القصف الإسرائيلي، ما يجعل وصول أي نجدة إليهم أمرًا بالغ الصعوبة.
قتل بلا تمييز
من جانبه أكد مدير عام وزارة الصحة بغزة، منير البرش، أن الاحتلال يتعمد قصف المدنيين في شمال غزة، في أوقات متأخرة من الليل بحيث لا يستطيع أحد إنقاذهم.
وأشار إلى أن الاحتلال منع أول أمس دخول قافلة إنسانية للأمم المتحدة كانت تحمل أدوية لمستشفى كمال عدوان، لافتًا إلى أن 30% من ضحايا مجزرة بيت لاهيا فجر أمس الأحد، هم أطفال.
وكانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ناشدت العالم سرعة التحرك لوقف المجازر المتواصلة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة بعد المجزرة الجديدة التي ارتكبها اليوم الأحد في بيت لاهيا.
وقالت حماس، في بيان لها، إن “المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال بقصف بناية سكنية على رؤوس ساكنيها في بيت لاهيا إمعان في حرب الإبادة والتطهير العرقي والانتقام الوحشي من المدنيين العزل”.
أوضاع كارثية
تستمر هذه الجرائم بحق سكان بيت لاهيا في سياق عملية عدوانية موسعة يقوم بها جيش الاحتلال في مدن ومخيمات شمال قطاع غزة منذ شهر ونصف، شاملة القتل وتدمير البنى التحتية واستهداف المنشآت، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية، بالإضافة لعمليات اعتقال وتنكيل طالت المئات.
من جهته قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنه وثق عشرات جرائم القتل العمد والإعدامات الميدانية الجديدة التي نفذتها قوات الاحتلال ضد عدد كبير من المدنيين شمالي قطاع غزة ضمن عدوانها المتصاعد، في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها ضد الفلسطينيين منذ أكثر من 13 شهرًا.
وأوضح الأوؤومتوسطي أن آلاف الفلسطينيين المحاصرين في شمال القطاع يعانون من الجوع والخوف، ومن يصاب منهم يتعذر غالبًا نقله للعلاج أو حتى علاجه ميدانيًّا، ليتوفى عدد كبير منهم ببطء بسبب عدم توفر الرعاية الطبية المنقذة للحياة.
ويعاني المواطنون المحاصرون شمالي القطاع أوضاعًا إنسانية وصحية كارثية، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي، ومنع إدخال المساعدات، بالإضافة إلى منع طواقم الدفاع المدني والإسعاف من ممارسة عملها في انتشال الشهداء وإنقاذ حياة الجرحى.
الحياة ممنوعة في الشمال
ومنذ 45 يومًا والاحتلال يمنع إدخال المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية إلى شمالي القطاع، ويحرم السكان من أدنى مقومات الحياة، مما يعمق المجاعة لدى المواطنين.
ولليوم الـ26 على التوالي، ما زال الدفاع المدني معطل قسرًا في كافة مناطق شمال قطاع غزة، بفعل الإستهداف والعدوان الإسرائيلي المستمر، وبات آلاف المواطنون هناك بدون رعاية إنسانية وطبية.
وبتاريخ 23 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، هاجم جيش الاحتلال طواقم الدفاع المدني في شمال قطاع غزة وسيطر على مركباته وشرد معظم عناصره إلى وسط وجنوب القطاع واختطف 10 منهم.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أنه على مدار الأسابيع الماضية، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي بالتدمير والقصف مئات المنازل ومراكز الإيواء هناك، وقتلت أكثر من 2000 فلسطينيً وأصابت أكثر من 4,000 آخرين، وأجبرت عشرات الآلاف على النزوح قسرًا من المحافظة، فيما ما يزال عشرات الآلاف في المنازل ومراكز الإيواء.
وأشار إلى أن السكان الذين ما يزالون شمال غزة يقبعون تحت حصار خانق ويتعرضون لقصف متواصل ومتعمد، ويبقون بلا إمدادات طعام أو ماء أو علاج، فيما يصبح هدفًا للاستهداف المباشر والقتل من الطائرات المسيّرة كل من يحاول الخروج بحثًا عن طعام أو ماء.
نزوح وصمود
وأبرز الأورومتوسطي أنه وثق شهادات صادمة لفلسطينيين أجبروا على الخروج من شمال قطاع غزة عن حالة الجوع المتفشية وعدم توفر الطعام، محذرًا من أن ذلك ينذر بارتفاع معدلات الجوع وسوء التغذية الحاد والأمراض المقترنة بهما، واتساع رقعتها خاصة بين كبار السن والأطفال والحوامل.
سياق تلك الشهادات يلقي بظلاله على أن المعاناة القاسية لسكان شمال غزة ومدينة بيت لاهيا على وجه الخصوص، لا يواجهها أصحابها إلا بمزيد من الصمود والتحدي والصبر على ما يشهدونه من مآسٍ وإبادة وتنكيل، وتبقى عمليات النزوح دليلاً وشاهدًا على أن أهلها لا يبرحون أرضهم إلى غيرها، ولا يستجيبون لمخططات التهجير، ولا يتحركون إلا في محيط أرضهم، تشبثًا بها وتأكيدًا على أنها حقهم الباقي وأن عدوهم إلى زوال مهما طغى وأجرم.
“}]]