[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
بعد مضي قرابة 8 أشهر على حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، بدعم أمريكي أوروبي واضح، والإعلان الإسرائيلي عن هدف تدمير حركة حماس وإنهاء المقاومة إلا أن أداء المقاومة الفلسطينية في الأيام الأخيرة أثبت هوان الكيان وضعفه رغم ما ارتكب من إبادة وتدمير هائل.
فالحرب أمضت 8 أشهر وسط معارك شرسة تخوضها المقاومة في محاور مختلفة في حي الزيتون وجباليا ورفح، كلها معارك أثبتت أنه لا يمكن القضاء على المقاومة الفلسطينية نظرًا لتمتعها بقاعدة جماهيرية وشعبية واسعة.
وكان رئيس وزراء الكيان الصهيوني ووزير حربه ورئيس أركان جيشه قد زعموا تدمير 19 كتيبة تابعة لكتائب القسام من أصل 24 كتيبة، إلا أن الحقائق والدلائل تشير بما لا يدع مجالا للشك أنها مزاعم واهية أثبتت زيفها مجريات الميدان وتقارير بثتها وسائل إعلام عبرية بأن كتائب حماس في كل مناطق القطاع لا تزال فاعلة.
دحض مزاعم نتنياهو
محللون أكدوا أن ارتفاع وتيرة هجمات المقاومة في الأيام الأخيرة لا سيما في جباليا ورفح وحي الزيتون تدحض مزاعم نتنياهو بقرب تفكيك حماس والقضاء عليها، والبقاء على معركة رفح التي يحاول إيهام الرأي العام الداخلي أنها الحاسمة وبها يتم القضاء على المقاومة نهائيًّا.
فايز الدويري -المحلل العسكري والاستراتيجي- يقول إن تصريحات نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي والناطق باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري غير صادقة ولها أغراض سياسية، خاصة عندما زعموا تفكيك 19 كتيبة لحركة حماس.
وأضاف الدويري في تصريح لشبكة الجزيرة أن المقاومة تقدم إثباتات مرئية بعدما تم تفعيل دور غرفة العمليات المشتركة للفصائل تنفيذيًّا وليس تنسيقيا فحسب، مبينًا أنه تم تطوير القتال وفق نمط “سمكة الصحراء” بظهور المقاتلين ثم اختفائهم مستخدمين الترويع والصدمة.
وحول أسباب ارتفاع وتيرة هجمات المقاومة وزيادة قوتها وفعاليتها، أكد الخبير العسكري أن المقاومة لجأت إلى عملية استيعاب الصدمة في رفح جنوبا وجباليا شمالًا بدخول جيش الاحتلال ثم الانقضاض على آلياته، في حين لم يفلح الأخير سوى بالتدمير وارتكاب المجازر.
ومن بين الأسباب أيضًا -وفق اللواء الدويري- إعادة كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس تأهيل كتائبها شمالي القطاع وتقليصها من 12 كتيبة إلى 8 بكفاءة قتالية قد تصل إلى 85% بهدف إعادة إدارة المعركة الدفاعية وتوسيع نطاق مسؤولياتها.
وأفرد الخبير العسكري مساحة للحديث حول تكتيكات المقاومة الجديدة بعدما كانت المواجهة في البداية من الخط الأول للخطوط الدفاعية، لتختلف حاليًّا من خلال السماح لقوات الاحتلال بالتقدم والاندفاع بأعداد كبيرة ومن ثم التعامل معها بعمليات نوعية، وتوظيف العبوات الناسفة، والخروج من فوهات الأنفاق الهجومية وغيرها.
الوهم
أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الفلسطينية الدكتور رائد نعيرات يقول إن القيادة السياسية للاحتلال تعيش منذ اليوم الأول للمعركة وهمًا، وتحاول جعله حقيقة.
وبيّن نعيرات أنه جرى تصوير المقاومة في غزة -قبل معركة رفح- على أنها قد انتهت ولم يتبق سوى المحطة الأخيرة لاستعادة الأسرى، لافتًا إلى وجود مفارقة بين الواقع وما تقوله قيادة الاحتلال، وهو نابع من تصورات أيديولوجية لنتنياهو ووزيريه إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.
وأشار الأكاديمي الفلسطيني إلى أن هناك إدراكًا كاملا في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لخطط اليمين الذي يسعى لاحتلال غزة وبقاء الجيش هناك، ما يعني استنزافه وتكبده أثمانا باهظة.
ويعد الاحتلال العسكري لغزة مصيدة للجيش الإسرائيلي -بحسب نعيرات- الذي جدد إشارته إلى الانقسام بالمؤسسة الرسمية الإسرائيلية بين نتنياهو وائتلافه اليميني، وغالانت الذي يدرك بأن الجيش يعيش تململا، ويشعر بأنه غرق في وحل غزة ويقاتل بلا هدف.
فشل بإيجاد البديل
واعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بفشل حكومته في فرض بديل لحركة حماس وإشراك الفلسطينيين المحليين في إدارة قطاع غزة، مؤكدًا أن الحديث عن اليوم التالي مجرد كلام فارغ من المضمون ما دامت حركة حماس قائمة.
وجاءت تصريحات نتنياهو في مقطع فيديو بث الاثنين الماضي اعترف فيه بأنه أمر الجيش بالسماح للفلسطينيين المحليين في القطاع بالمشاركة في عملية إدارة الأراضي وتوزيع المساعدات، لكن المحاولات باءت بالفشل.
وقال: “إلى أن يتضح أن حماس لا تسيطر عسكريًّا على غزة لن يكون هناك أحد مستعدا لتحمّل الإدارة المدنية لغزة خوفًا على حياته”، وهو ما يشكل اعترافًا صريحًا بأن حماس لا تزال تسيطر بشكل أساسي على قطاع غزة.
علاوة على ذلك، جدد نتنياهو معارضة حكومته قرار الأمم المتحدة الصادر الأسبوع الماضي بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقال: “لن نسمح لهم بإقامة دولة إرهابية يمكنهم من خلالها مهاجمتنا بقوة، لن يمنعنا أحد، ولن يمنع إسرائيل من تحقيق حقنا الأساسي في الدفاع عن النفس، لا الجمعية العامة للأمم المتحدة ولا أي هيئة أخرى”.
وكانت هذه التصريحات لنتنياهو ردًّا على انتقادات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بشأن سلوك إسرائيل في الحرب ضد الفلسطينيين بغزة؛ حيث أشار بلينكن إلى أن “تكتيكات إسرائيل تسببت في خسائر فادحة بأرواح المدنيين الأبرياء، لكنها فشلت في تحييد قادة ومقاتلي حماس، ويمكن أن تقود تمردًا دائمًا”. داعيًا إسرائيل إلى “الخروج من غزة”.
وأوضح أن حماس عادت إلى الظهور في أجزاء من غزة، وأن “العمل المكثف الذي تقوم به القوات الإسرائيلية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة يخاطر بترك أقرب حليف لأمريكا في الشرق الأوسط يواجه تمردًا دائمًا”.
وأشار بلينكن إلى أن الولايات المتحدة عملت مع الدول العربية وغيرها لأسابيع لوضع خطط موثوقة للأمن والحكم وإعادة البناء في غزة، مضيفا: “لم نر ذلك يأتي من إسرائيل، نحتاج أن نرى ذلك أيضًا”.
وشدد على أن اندفاع الجيش الإسرائيلي في عمق رفح قد يحقق “بعض النجاح الأولي” لكنه قد يتسبب في “ضرر رهيب” للمدنيين الفلسطينيين.
وتزايدت التوترات بين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن بشأن كيفية إدارة الحرب، وفي مقابلة خلال الأسبوع الماضي قال بايدن إن إدارته لن تقدم أسلحة يمكن لإسرائيل استخدامها لشن هجوم شامل على رفح.
فشل الحكم العسكري
كما أظهرت وثيقة أعدها جهاز الأمن الإسرائيلي أن إسرائيل لن تكون قادرة على إقامة “حكم عسكري” في قطاع غزة، بسبب التكلفة المالية لإقامة حكم كهذا والتي ستشكل عبئا اقتصاديا كبيرا، إلى جانب “مخاطر أمنية” تتعلق بانتشار قوات الجيش عند حدود إسرائيل، حسبما ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم، الجمعة.
وحسب الوثيقة، فإن تكلفة تفعيل “حكم عسكري” في القطاع تقدر بـ20 مليار شيكل سنويا، يضاف إليها تكاليف أخرى مثل إقامة ممر إلى القطاع بتكلفة 150 مليون شيكل، وهذا من دون احتساب تكاليف تشغيل متواصل لممر كهذا، وإلى جانب ذلك ضرورة إشغال 400 وظيفة في نظام “حكم عسكري” في القطاع.
وأضافت الوثيقة أن “حكما عسكريا” يتطلب فرق عسكرية هجومية وفرقة عسكرية دفاعية خامسة. ويعني ذلك، حسب الوثيقة، نقل قوات إلى القطاع وتقليص القوات في الضفة الغربية وعند حدود إسرائيل الشمالية، إلى جانب استدعاء أعداد كبيرة من قوات الاحتياط بشكل دائم.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاستنتاج الواضح من هذه الوثيقة هو أن “إسرائيل لن تصمد أمام هذا العبء”، إذ “ستتضرر جهوزية الجيش الإسرائيلي لاحتمال تصعيد في الجبهة الشمالية، وكذلك الجهوزية لإحباط عمليات مسلحة في الضفة الغربية وداخل إسرائيل. وتعني السيطرة في غزة حدوث أزمة غير مسبوقة في ميزانية الدولة، وستلحق ضررا جسيما في الخدمات للمواطنين الذين سيتحملون أعباء اقتصادية”.
وأضافت الصحيفة أنه “رغم ذلك، نتنياهو لا يستبعد حكما عسكريا إسرائيليا في غزة. وهو يتحدث عن أن الجيش الإسرائيلي سيكون المسؤول عن الأمن في غزة، لكن هذا يعني عمليا أن الجيش الإسرائيلي سيطالب أيضا بإدارة الحياة المدنية في القطاع بغياب بديل لحماس أو السلطة الفلسطينية”.
كذلك تحدث وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، بشكل صريح حول إقامة “حكم عسكري إسرائيلي” في القطاع، وأن “الوضع هو إما نحن أو هم. وأي حديث عن جهة مدنية معتدلة وليست حماس تدخل بدلا عنا صباح غد، هو أوهام”.
من جانبه، أعلن وزير الأمن، يوآف غالانت، في مؤتمر صحافي أول من أمس، عن معارضته لـ”حكم عسكري إسرائيلي” في القطاع. وقال إنه “تتطور فكرة تدفع حكما عسكريا ومدنيا في غزة. وهذا خطير بالنسبة لنا، ويحظر أن تحكم إسرائيل مدنيا في قطاع غزة. ومنذ تشرين الأول/أكتوبر أطرح الموضوع في الكابينيت ولا إجابة. ونهاية العمل العسكري بالعمل السياسي”. لكن غالانت يكرر تصريحاته حول القضاء على حماس وحكمها في القطاع.
وحذر غالانت من أن سيطرة إسرائيلية على القطاع في المستقبل “سيكلفنا ثمنا باهظا بالدماء والمال”. وأشارت الصحيفة إلى أن عضوي كابينيت الحرب، بيني غانتس وغادي آيزنكوت، لديهما أفكارا مشابهة لغالانت، “وإصرار نتنياهو على رفض البحث في موضوع ’اليوم التالي’ وفي بدائل لحكم حماس، ينشئ وضعا تنجر فيه إسرائيل إلى إدارة الحياة في غزة”.
“}]]