باسم نعيم: معركة طوفان الأقصى من أجل القدس والمقدسات والأرض والهوية

[[{“value”:”

الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام

قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، باسم نعيم، إن معركة طوفان الأقصى لم تكن باسم حزب سياسي أو حركة مقاومة، وليست باسم غزة أو فك الحصار، لكنها معركة باسم الشعب الفلسطيني من أجل الدفاع عن حقوقه الثابتة وتحقيق استقلاله وتقرير المصير.

وأضاف نعيم -في مقابلة مع الجزيرة نت- أنه على مدار 76 سنة لم يخل شهر أو عام من مجزرة أو جريمة ترتكبها إسرائيل، ليس في حق الفلسطينيين وحدهم، بل ارتكبتها في حق مصر وليبيا وتونس وسوريا والعراق واليمن.

وأكد أنه بعد عام من الحرب، أفشلت المقاومة مخططات دمج الكيان الإسرائيلي في المنطقة وتطبيع العلاقات وإعادة هندسة المنطقة بما يخدم هذا الكيان واستمراره وسيطرته على الإقليم ومقدراته، وذلك من خلال الاتفاقات الإبراهيمية

وفي ذكرى مرور عام على بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أشار عضو المكتب السياسي في حماس إلى أن ما حدث في طوفان الأقصى ليس ناتجا عن لحظة غضب أو يأس لحظي، فلدينا “مئات الكيلومترات من الأنفاق التي لم تجهز خلال أسبوع أو أسبوعين”، “هذه عمرها 20 عاما من تجهيز التصنيع العسكري وإعداد المجاهدين والمقاومة”.

وتطرق نعيم كذلك في حواره إلى التصعيد الحالي بين إسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان، وقال إن تعدد الجبهات يكشف ضعف إستراتيجية الاحتلال الإسرائيلي، ويظهر حجم مساحة المناورة على المستويين البشري والجغرافي نوعيا وكميا، وهذا ليس في صالحه وسيخدم المعركة الشاملة لصالح الشعب الفلسطيني.

وإلى تفاصيل الحوار..

من ينظر إلى العام الماضي عامة سيرى مشهدين:

المشهد الأول: هو مشهد الإرادة الفلسطينية في الدفاع عن حقوقها، وهو مشهد البطولة والصبر والثبات والتشبث بالأرض والحقوق والصمود الذي قدمه شعبنا.

المشهد الثاني: هو “مشهد الألم الذي ترتب على هذا العدوان السافر الهمجي الوحشي الإسرائيلي على شعبنا، وللأسف بمشاركة دولية مباشرة تقودها الولايات المتحدة الأميركية والدول الكبرى في القارة الأوروبية”.

ومع هذين المشهدين يمكن القول إن حركة حماس لم تدخل المعركة على أنها كيان معين أو حزب سياسي، ولكنها كانت معركة باسم الشعب الفلسطيني من أجل الدفاع عن حقوقه، وسمتها قيادة الحركة “طوفان الأقصى”، أي أنها ليست معركة غزة ولا من أجل فك الحصار، بل هي معركة من أجل القدس والمقدسات، ومن أجل الأرض والهوية، ومن أجل الحقوق الثابتة والحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة.

وبناء على ذلك، يمكن القول إن الإنجازات التي حققتها المقاومة في هذه المعركة على النحو التالي:

قبل شهور من معركة طوفان الأقصى كانت القضية الفلسطينية تكاد تكون منسية، ولم يكن لها ذكر على طاولة المجتمعين الإقليمي والدولي.

فشل مخططات دمج الكيان الإسرائيلي في المنطقة وتطبيع العلاقات وإعادة هندسة المنطقة بما يخدم هذا الكيان واستمراره وسيطرته على الإقليم ومقدراته، وذلك من خلال الاتفاقات الإبراهيمية.
أعيد فرض القضية الفلسطينية على الطاولة، وأدرك الجميع أنه لا أحد يستطيع تجاوز الشعب الفلسطيني، أو الذهاب إلى أي مخططات أخرى من دون حل القضية الفلسطينية.

إسرائيل تلقت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول ضربة قوية خلخلت الأعمدة التي يقف عليها هذا الكيان، وأثبتت عملية طوفان الأقصى أن هذا الجيش لم يعد ذلك الذي يوصف بأنه لا يُقهر، وبإمكانات محدودة جدا ومن الشباب المجاهد اتضح أنه يمكن هزيمته وشله وإضعاف قدراته على الرد لساعات وأيام.

لم تعد إسرائيل ذلك الحصن الآمن لكل اليهود حول العالم، ولم تعد قادرة على حماية من هم داخل الكيان، وهناك عشرات آلاف اليهود الذين فروا من بيوتهم وغير قادرين على العودة إليها حتى الآن. وبالتأكيد من هو غير قادر على حماية مواطنيه داخل الكيان لن يستطيع استقدام المزيد.
الرواية الصهيونية التي كانت مسلما بها على مدار عقود والأكثر رواجا في المجتمع الدولي، لم تعد كذلك اليوم حتى لدى فئات كثيرة كانت محسوبة على الكيان تاريخيا في الغرب، بعدما تبين لهم أن هذه الرواية مبنية على الكذب والخداع والتضليل.

وانعكس ذلك في هيئة شروخ عميقة في مساحة الرواية والتغطية الإعلامية لدى كثير من مؤسسات الإعلام الدولي الرسمي، وما بقي منها للأسف الشديد أثبتت أنها مجرد أداة وبوق لإعادة إنتاج الرواية الصهيونية، ولم تعد قادرة على الدفاع عن هذه الأكاذيب، ومن ثم اضطرت إلى التراجع أمام ضغط الإعلام الجديد.

على المستوى القانوني، فإن إسرائيل على مدى أكثر من 75 سنة ترتكب المجازر، ومنذ النكبة الأولى وحتى طوفان الأقصى لم يحاسبها أحد، وكانت تتمتع بحصانة، أما اليوم فإن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وعددا من وزرائه يلاحَقون في المحكمة الجنائية الدولية بصفتهم مجرمي حرب، وأكدت محكمة العدل الدولية -وهي أعلى منصة قانونية في المجتمع الدولي- أن ما تقوم به إسرائيل يصل إلى حد الإبادة الجماعية.

شعبنا الفلسطيني استعاد ثقته في نفسه وفي قدرته على الفعل، تلك الثقة التي امتدت إلى كل الإقليم، خاصة جيل الشباب الذي كاد أن يصل إلى أدنى درجات اليأس والإحباط بعد فشل موجات الربيع العربي.

هذا السؤال تكرر منذ الأسابيع الأولى لهذه المعركة المجيدة، لكن:

أولا– على مدار 76 سنة لم يخل شهر أو عام من مجزرة أو جريمة ترتكبها إسرائيل ليس في حق الفلسطينيين وحدهم، بل إنها ارتكبتها في مصر وليبيا وتونس وسوريا والعراق واليمن.

ثانيا– إسرائيل لم تقدم أي رؤية أو أي خطوة عملية تثبت أنها ترغب في التعايش أو السلام مع الشعب الفلسطيني.

ثالثا– في عامي 2000 و2023 وحدهما، قُتل نحو 20 ألف فلسطيني، ودمرت آلاف البيوت، وصودرت عشرات آلاف الدونمات، وانتهكت المقدسات في المسجد الأقصى، وفُرض تهويد مدينة القدس.

ومن ناحية أخرى، الشعب الفلسطيني درس التاريخ جيدا، وأدرك أنه لا يوجد شعب نال حريته واستقلاله حول العالم إلا من خلال مسار المقاومة المسلحة والتضحيات العظيمة، خاصة بعد المسار السياسي الكارثي.

واليوم نحن نتكلم عن 3 ملايين شخص قتلوا في فيتنام في الحرب مع أميركا، و4 ملايين جرحوا. ونتكلم عن الجزائر التي وصل الحد الأدنى فقط أثناء فترة الثورة إلى مليون ونصف مليون قتيل، لكن الجزائريين يتكلمون عن نحو 15 مليونا في كل فترة الاحتلال، والأمر ذاته يتكرر في جنوب أفريقيا وغيرها من الدول.

فلا توجد دولة في العالم تحرّرت عبر المفاوضات السياسية، وهذا الاستعمار بطبيعته وحشي ودموي، ولن يخرج من أرضنا إلا بالقوة نفسها والوحشية ذاتها.

بالتأكيد، فليس لنا خيار آخر إلا الاستمرار في المقاومة والاستعداد للتضحية ودفع الثمن، لأننا مؤمنون يقينا بأنه في النهاية سنصل إلى حريتنا وحقوقنا.

وإن ما حدث في طوفان الأقصى ليس عملية ناتجة عن لحظة غضب أو لحظة يأس، فاليوم نحن نتكلم عن مئات الكيلومترات من الأنفاق التي لم تجهز خلال أسبوع أو أسبوعين أو شهرين من قبل طوفان الأقصى نتيجة الضغط والحصار، هذه عمرها 20 عاما من تجهيز التصنيع العسكري وإعداد المجاهدين والمقاومة.

معركة الطوفان سبقتها عدة سنوات من التضحيات، وجاءت ضمن رؤية واضحة ومحددة تقوم على أنه في لحظة معينة ستكون هناك مواجهة، وهذه المواجهة ستكون فاصلة، وبالتالي هذا المسار ليس عفويا انفعاليا، لكنه مسار مبني على رؤية واضحة وإستراتيجية محددة ممتدة، وهي تجهيز وإعداد لعشرات من السنين.

رغم أن عملية الطوفان تظهر في إطار السياق التاريخي والكبير أنها رد فعل، غير أنها كانت فعلا مبادرا وإن ظهر كرد فعل، لأن وجود الاحتلال هو الفعل، والحصار على غزة هو الفعل، وتهويد القدس وتدنيس المقدسات هو الفعل، وكل ردود أفعالنا مشروعة لشعبنا الفلسطيني في إطار الدفاع عن نفسه.

أما في التفاصيل، فإن الحركة لا تتصرف فقط بمنهج رد الفعل، وكما “فاجأت العدو في السابع من أكتوبر/تشرين الأول ستستمر في ذلك من جديد في ساحات جديدة وبطرق مختلفة، لأن الأساس في ذلك هو أن يظل هذا العدو تحت الضغط المستمر، وأن يظل في حالة استنزاف على كل المستويات السياسية والأمنية والعسكرية.

ولذلك فإن حماس تعمل على أن تنخرط كل الجبهات داخل فلسطين وخارجها من أجل أن يبقى هذا الاحتلال تحت الضغط والاستنزاف، ورغم تحقيقه بعض الإنجازات بضربة هنا أو هناك، واغتيال أحد القادة هنا أو هناك، فإنها كلها تبقى إنجازات تكتيكية قصيرة الأجل لن تمكنه من تحقيق أهدافه والسيطرة على المنطقة أو الاندماج فيها، إنما يبني مزيدا من هذه الأسوار بمزيد من الدماء والأشلاء.

التصعيد الذي بدأه الاحتلال ضد حزب الله يكشف عن نواياه، وتعدد الساحات والجبهات المفتوحة ضد الاحتلال يخدم المشروع الكلي وليس طرفا واحدا.

وبالتالي، فإن تعدد الجبهات يكشف ضعف إستراتيجية هذا الاحتلال، ويظهر حجم مساحة المناورة على المستويين البشري والجغرافي نوعيا وكميا، وبالتأكيد هذا ليس في صالحه وسيخدم المعركة الشاملة لصالح الشعب الفلسطيني.

وإسرائيل عندما دخلت معركة غزة جاءت بنحو 350 ألفا إلى 400 ألف جندي، وجزء كبير من هؤلاء سُحبوا من الاقتصاد ومن الجامعات ومن المستشفيات ومن البنوك والشركات، وعندما قرر جيش الاحتلال الذهاب للشمال للتصعيد لم يتمكن في ذروة المعركة في القطاع رغم أن قرار التصعيد كان موجودا منذ وقت مبكر.

المعركة فلسطينية ليست معركة أي أحد، قد تكون هناك أطراف تساند أو تساعد سواء في المنطقة العربية أو الإسلامية أو من الآخرين، وبأشكال مختلفة من النواحي العسكرية واللوجستية والمالية والسياسية، لكن في النهاية هذه المعركة فلسطينية والقرار فلسطيني.

اتخاذ قرار المعركة لم يكن اعتمادا على موقف أي طرف، وإن كان الإسناد والمساعدة أمرا في غاية الأهمية ومرحبا به.

حسب متابعتي لملف العلاقات الأميركية الإيرانية، فأعتقد أن بعض الكلمات هنا أو هناك لا يمكنها أن تعالج الشرخ العميق والإستراتيجي والجوهري والبنيوي بين الجمهورية الإسلامية في إيران والولايات المتحدة، لأن أحد عناصر الهوية لهذه الجمهورية بعد الثورة هو العداء لأميركا، وأي حوار يكون فيه نوع من التلطف أو التخفيف هو حوار تكتيكي لحظي ولا يدل على تغير في الإستراتيجيات.

إن ما نطالب به هو الحد الأدنى، وما نطالب به هو انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة لأنه لا يمكن أن نقبل بإعادة احتلال القطاع بعد “السابع من أكتوبر”، وما نطالب به هو فتح المعابر وإعادة الإعمار، وما نطالب به هو إطلاق سراح أسرانا الذين هم بالآلاف، وبعضهم اليوم قضى أكثر من 40 عاما في سجون من الاحتلال.

وهذه مطالب تشكل حدا أدنى، ويصعب على أي مفاوض أن يتنازل عنها، ومع ذلك أظهرت الحركة دائما في كل محطة من محطات التفاوض، وفي الإطار التكتيكي، مرونة وإيجابية بهدف وقف هذا النزيف وإعطاء فرصة للشعب من أجل بناء ذاته.

حركة حماس أعلنت أنه لا مجال أكثر للتنازل، وأنها ملتزمة باتفاق الثاني من يوليو/تموز، وجاهزة للتنفيذ فورا، لكن المشكلة لم تكن فيما تقبله الحركة، لكنها تكمن في شخص نتنياهو الذي لا يريد الوصول إلى أي اتفاق.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة