بيت لحم /PNN / نجيب فراج – جائت الشابة النمساوية هيرمان جيرمان الى الاراضي الفلسطينية عام 1988 ولم تلكن قد تجوازت السادسة والعشرين من عمرها ضمن مجموعة من النشطاء الاجانب للتضامن مع الفلسطينيين الذين كانوا يواجهون صلف وعنف الاحتلال منذ الايام الاولى من اندلاع الانتفاضة الاولى وكانت ضمن وفد اكاديمي اذ عملت محاضرة في كلية العلوم الاجتماعية والصحة بجامعة سالسبورغ النمساوية الشهيرة، ومنذ ذلك الوقت قررت انجريد ان تبقى هنا والتحقت بفريق مركز المعلومات البديلة وقد اسست من قبل نشطاء يساريين فلسطينيين واسرائيليين والذي اسسه ميخائيل وارشوفسكي الملقب بميكادو وكان مقر المؤسسة في مدينة القدس، وجرى افتتاح فرع لها في بيت لحم وكانت من ضمن الفريق العامل في هذا الفرع.
ومنذ ذلك الوقت تعرفت على محمد جرادات وهو من سكان سعير وكان يعمل في المركز ومن ثم قررا الزواج وانجبا ابنهما الوحيد نديم، وسكنا في مدينة بيت جالا.
ويقول محمد جرادات ان انجريد كان لها باع طويل في العمل بالمؤسسات المحلية والدولية لصالح القضية الفلسطينية وكانت تؤمن بشكل لا لبس فيه بحق العودة وساهمت في العديد من الدراسات الدولية للتعريف بحق العودة،
وقد اسست مركز بديل الفلسطيني بمصادر حقوق المواطنة واللاجئين ومقره مدينة بيت لحم في مطلع التسعينات من القرن الماضي وقد ترأست ادارته على مدى اكثر من ربع قرن، واسست انجريد ايضا المركز القانوني في امستردام كي يتولى الدفاع عن نشطاء فلسطينيين ونشطاء اجانب بالخارج واصبحت خبيرة في القانون الدولي وموقفه من قضية اللاجئين كما كان لها دور في المساهمة بتأسيس الشبكة العالمية للاجئين حيث حملت هذه القضية وكأنها قد هجرت من بلادها في عام 1948 مع جموع اللاجئين وقد اصبحت انجريد شخصية معروفة في الاراضي الفلسطينية من خلال عملها في مركز بديل وانتمائها للقضية الفلسطينية انتماءا عقائديا كما يصفها العديد ممن عرفوها وقد حازت على شعبية واحترام شريحة واسعة من الشعب الفلسطيني من الذين عرفوها عن قرب.
دائرة شؤون المفاضات في منظمة التحرير الفلسطينية واثناء مؤتمر مدريد وجولات التفاوض العشرة في واشنطن استعانت بجهودها بشأن اللاجئين وقد قدمت المشورة لهم وكان لها موقف في كيفية ادارة هذه المفاوضات.
ويسرد محمد جرادات رحلة انجريد مع مرض السرطان الذي جرى اكتشافه في العام 2020 وقد اوضح لها حينما اكتشف هذا المرض بان لديها فرصة للعلاج في موطنها الاصلي النمسا لما يتمتع به من امكانيات طبية عالية المستوى ولكنها ومنذ لحظة اكتشاف المرض كان لها موقف واضح وردت على زوجها بانها ابنة هذا البلد وعاشت فيه بحلوه ومره وهي تريد ان تعالج هنا وتموت هنا حيث حصلت على تحويلة طبية الى مستشفى المقاصد او المطلع بالقدس ولكنها لم تتمكن من الوصول هناك لان سلطات الاحتلال امتنعت عن ان تمنحها تصريحا للعلاج في القدس المحتلة وما كان من الطبيب المسؤول عن معالجة مرض الاورام سعادة جابر الا ان نقل كل الطاقم الطبي الى مستشفى رام الله والمستشفى الاستشاري حيث خضعت للعمليات الجراحية اللازمة وقد تحسنت صحتها ومن ثم عادت لتكون بحاجة الى جلسات الكيماوي فاجريت لها في مستشفى بيت جالا الحكومي ، وفي فترة العلاج عرضت على اطباء في النمسا الذين اثنوا على مسيرة علاجها في الاراضي الفلسطينية ونصحوها بالاستمرار رعم ان المرض اشتد عليها وفي السادس عشر من تشرين الماضي ايلمت روحها وقد دفنت في بلدة سعير مسقط رأس زوجها وهكذا كانت وصبتها.
في بيان النعي لمركز بديل لحقوق المواطنة واللاجئين جاء فيه “انجريد جرادات عاشت مناضلة تدافع عن حقوق اللاجئين وقضت ثابتة في نضالها الدؤوب”.
كما نعت العديد من المؤسسات الحقوقية الفلسطينية ومختلف الفصائل والقوى الراحلة انجريد التي اختارت ان تكون فلسطينية الهوى والانتماء وظلت حتى اخر رمق فيها متمسكة بفلسطين ومؤمنة ايمانا لا يعتريه اي شكوك بعدالة قضيتها وتابعت رغم اشتداد مرضها الحرب البربرية على غزة وكانت متيقنه ان فلسطين منتصرة رغم كل هذه الدماء والدمار وان اسرائيل سقطت اخلاقيا بالكامل جراء ما ترتكبه من مجازر.