[[{“value”:”
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام
يبدو أن الحراك في الجامعات الأمريكية الداعي لوقف الإبادة الجماعية بغزة أصاب السياسة الأمريكية بمقتل، وكشف زيف ادّعاء واشنطن بأنّها راعية الديمقراطيات في العالم.
فالولايات المتحدة الأمريكية، حاملة لواء الديمقراطية، والتي شنت عشرات الحروب لأجل هذا الشعار الزائف، تطلق اليوم يد شرطتها في شتى الولايات لقمع الاحتجاجات، وفضّ الاعتصامات الطلابية المناهضة لحرب الإبادة الجماعية في غزة.
فقد اقتحمت الشرطة المريكية بعض الجامعات، ومنها كولومبيا وكاليفورنيا، واعتقلت عشرات الطلاب المتضامنين مع فلسطين، ليصل العدد الإجمالي المعتقلين في كل الجامعات إلى أكثر من 1700 طالب.
وفي الجامعات التي اندلعت فيها الاحتجاجات، دعا الطلاب لوقف دائم لإطلاق النار في غزة، وإنهاء المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، وسحب استثمارات الجامعات من شركات توريد الأسلحة، وغيرها من الشركات المستفيدة من الحرب، والعفو عن الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين تعرضوا لإجراءات تأديبية أو للطرد بسبب الاحتجاج.
وينحدر الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين اجتذبتهم هذه الاحتجاجات من خلفيات مختلفة، تشمل الديانتين الإسلامية واليهودية. ومن المجموعات المنظمة للاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” و”الصوت اليهودي من أجل السلام”.
ونفى المنظمون مسؤوليتهم عن العنف ضد المتظاهرين المؤيدين لإسرائيل أو تأييدهم له، بينما شهدت المخيمات إقامة الصلوات، وعروضاً موسيقية، فضلاً عن مجموعة متنوعة من برامج التدريس.
وبشكل أو بآخر، أيّد الرئيس جو بايدن القمع الذي مورس ضد المعتصمين في الجامعات الأمريكية، حيث وصف الاحتجاجات بالمعادية للساميّة.
حراك تخشاه إسرائيل
ويقول عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الأميركي، نعمان أبو عيسى، إنّ إسرائيل تخشى من الحراك الطلابي “لأقصى الحدود”.
وأضاف أبو عيسى، في تصريحات تابعها مراسلنا، أنّ إسرائيل تعي جيداً أنّ الحركة الاحتجاجية ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا بدأت في الثمانينات من القرن العشرين وانتهت بسقوط “نظام الفصل العنصري”.
وأكد أنّ “إسرائيل واللوبي الصهيوني يعملان منذ عقدين لمنع حركة مقاطعة إسرائيل”، مشيراً إلى أنّ إسرائيل لعبت دوراً محورياً لإصدار قوانين في أكثر من نصف الولايات الأمريكية، لمنع حركات المقاطعة، بالرغم من كونها تعبيراً سلميّاً، وحقّاً دستورياً في أمريكا.
ولفت أبو عيسى إلى أنّ العديد من الطلاب الناشطين، هم من منظمات يهودية علمانية من أجل السلام، معتبراً أنّ “هذا التحدي اليهودي لما تقوم به اسرائيل في قطاع غزة يضرب على وتر حساس داخل إسرائيل فيما يخص الصراع بين العلمانيين واليهود المتشددين والمتطرفين”.
رفض لسيطرة الصهيونية
ترى أستاذة الإعلام في جامعة مريلاند الأمريكية، الدكتورة سحر خميس، أنّ سبب شعور إسرائيل “بالذعر والقلق” يعود إلى أنّ هذا الحراك “غير مسبوق”، منذ احتجاجات حرب فيتنام، والاحتجاجات المناهضة للفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وذكرت في تصريحات تابعها مراسلنا، أنّ “الأمر اللافت هو امتداد الاحتجاجات إلى خارج الحرم الجامعي في العديد من الجامعات، فضلاً عن انضمام أعضاء من الهيئة التدريسية لهذه الاحتجاجات”.
ولفتت إلى أنّ الاحتجاجات التي خرجت في الجامعات الواقعة في العاصمة الأمريكية القريبة من البيت الأبيض “بدأت تثير قلق الإدارة الأمريكية”، بذات المقدار الذي يثير قلق إسرائيل، من أنّ “هذا الحراك سيغير بوصلة السياسات الخارجية لواشنطن”.
وأجملت الدكتورة سحر حديثها بأنّ انتشار التظاهرات في جامعات العالم قد يشير إلى أنّ الجيل الجديد يرفض سيطرة الصهيونية على دوائر صنع القرار، وبالتالي، ستخسر إسرائيل دعم الجامعات واستثماراتها على أقل تقدير.
Your browser does not support the video tag.
سقوط السردية الإسرائيلية
يرى الكاتب والباحث السياسي، ساري عرابي، في تصريح خاص بالمركز الفلسطيني للإعلام، أنّ الحراك الطلابي في الجماعات الأمريكية نقطة تحول في مواجهة السردية الإسرائيلية التي تهيمن على العقل الغربي، مشيراً إلى أنّ التعامل العنيف مع الحراك الطلابي يأتي ضمن هذا السياق.
ويؤكّد عرابي أنّ ذلك العنف يكشف حقيقة الديمقراطية الغربية، كما يكشف أدوات الهيمنة على المجتمعات الغربية، التي تتمثل في رأس المال المملوك للأثرياء والشركات المتعاطفة مع الكيان الإسرائيلي، والتي تربطها مصالح مشتركة معه. مبيّناً أنّ تلك الهيمنة شملت كل المجال العام في الغرب، كالإعلام، والسينما، والسياسة، والاقتصاد، والحياة الأكاديمية.
ويرى الباحث السياسي أنّ الحراك الطلابي وما نتج عنه من كشف لأدوات الهيمنة على المجتمعات الغربية، سيكون بداية التغيير التدريجي للموقف الغربي تجاه القضية الفلسطينية، وسينظر إليه كأحد أدوات تحرر المجتمع الغربي نفسه. مستدركاً، أنّ هذا التأثير تراكمي ولن يكون له مفعول سريع على الحرب في غزة.
ومن ناحية أخرى، لفت عرابي إلى أنّ قادة الحراك هم من الفلسطينيين في الجامعات الغربية بالدرجة الأولى، إضافة إلى العرب والملونين وبعض البيض، وهو ما يُفسر جانباً من عنف الشرطة معهم، لكنّه في المقابل، يشير إلى الدور الإيجابي للفلسطينيين في الخارج، واتصال الأجيال الجديدة منهم بالقضية الفلسطينية.
“}]]