[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
كان الإعلان عن خروج الملثم أبي عبيدة، الناطق الرسمي باسم كتائب القسام، منتصف الليلة الماضية، بمثابة مفاجأة لكل أحرار العالم؛ حيث لم يكن متوقعًا ظهوره بعد بضعة أيام من ظهوره الأخير، وهذا ما أثار حاسة الفضول لدى متابعيه الذين توقعوا أن كلمته هذه المرة ليست بالعادية، وأن وراءها ما قد يكون مدهشًا أو غير معتاد.
وما إن مرّت الدقائق المنتظرة على شغف، حتى خرج الملثم بكلمة مسجلة لم تبلغ مدتها خمس دقائق، وكانت كالعادة مفعمة بالعزة والثقة بالنفس والسخرية من العدو المهزوم؛ إلا أن أهم ما جاء فيها أن أبا عبيدة لم يخيّب توقعات منتظريه، وختم كلمته بمفاجأة أثلجت صدور الصديق وأثارت جنون العدو، وهي أن كتائب القسام أوقعت أسرى جددًا في العملية المركبة التي نفذتها عصر أمس السبت في إعداد كمين بمخيم جباليا أسفر عن وقوع جنود الاحتلال بين قتيل و”أسير”، وجريح.
توقيت الإعلان عن “عملية أسرٍ” -على وجه التحديد- بعد ثمانية أشهر من القتال، جعل من الحدث أمرًا استثنائيًّا، خاصة في ظل الحديث المتكرر من قادة الاحتلال عن الانتصار المطلق على حركة حماس والمقاومة، والزعم بأن اجتياح رفح هو بمثابة دق المسمار الأخير في نعشها، وبعد الاحتفال الكبير الذي أقامه جيش العدو بانتشال جثامين 3 من أسراه، معتبرًا ذلك انتصارًا ساحقًا في عدوانه على غزة بعد كل هذه الشهور وتلك المجازر، والتي لم يحقق من ورائها أيًّا من أهدافه المعلنة.
لم يكن ما أخبر به أبو عبيدة هو كل ما عنده، فبعد انتهاء كلمته نشرت الكتائب فيديو آخر يظهر سحل جندي إسرائيلي داخل نفق، واختتمت القسام المقطع بعبارة “هذا ما سمح بنشره وللحديث بقية”.
جاء إعلان القسام بمثابة ضربة قاصمة على ظهر الاحتلال، يعطي رسالة بأن الغلبة للمقاومة، وأن أرض المعركة تدور بإمرتها وهي التي لها اليد العليا والصوت المسموع والأهداف المحققة.
بمجرد سماع كلمة أبي عبيدة ومشاهدة الجندي المسحول داخل النفق، عمّت الفرحة كافة الأحرار من حول العالم، محتفلين بما أنجزته المقاومة التي أثبتت جدارتها ولم تزل تعمل بالميدان كما لو كانت الأيام الأولى للحرب بكامل طاقاتها وعنفوانها وحنكة إدارتها.
على الأرض شهدت مدن في الضفة الغربية ولبنان احتفالات شعبية تمثلت في الخروج بمسيرات وتكبيرات النصر في المساجد وإطلاق الألعاب النارية، في تعبير مبهج عن فرحتهم بالتقدم الذي أحرزته المقاومة.
في المقابل، سارع الجيش الإسرائيلي إلى نفي الخبر، وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي “نوضح أنه لا يوجد حادث لاختطاف جندي”
وتعليقًا على الحدث، عمت مواقع التواصل الاجتماعي بالتغريدات والمنشورات التي تسخر من ضعف العدو وهزاله، وتثمن قوة المقاومة واستبسالها، رغم الفارق الضخم بين إمكانات وعتاد الفريقين.
وتصدر وسم #أسر_جنود منصات التواصل في عدة دول عربية ابتهاجًا بالحدث القسامي، فيما أبدى مغردون إعجابهم بالمنظومة المتكاملة التي تمتلكها القسام من الناحية العسكرية والإعلامية معلقين بالقول: إن مفاجأة غزة عن أسر جنود وتحييد آخرين، يعني أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يخسر الحرب فقط، ولكنه في طريقه لخسارة المفاوضات، بعد أشهر من التحايل والتضليل حسب قولهم، وإن هناك خيارين أمام نتنياهو.. حرب تنتهي بمزيد من الخسائر، أو مفاوضات تنتهي بصفقة تبادل وتحفظ قليلا من ماء الوجه للكيان وجيشه المرهق.
“نجد أن المقاومة تمتلك منظومات عظيمة تكاد تتفوق على جيوش عظمى، أبرزها المنظومة الإعلامية، وكذلك وحدات القنص، ومنظومة الرصد والاستخبارات، هذه ملفات المقاومة متفوقة جدًّا فيها وتفاجئ الجميع يوما بعد يوم”.
وعلق أحد المدونين على المقطع قائلا “بالرغم من أن القسام منذ بداية الحرب وهي توثق عملياتها، لكن أن تعلن القسام أسر جنود “وأي جنود” قوات خاصة “هذا أمر يصعب تصديقه لدى كثير أيضا” صحيح قد تملك القسام توثيقا لعملية الأسر، وأن حكومة إسرائيل تعرف الحقيقة جيدا “لكني أنتظر بشغف كيف سيكون رد نتنياهو وغالانت”.
وسخر ناشطون من العبارة التي كان يقولها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وبعض وزرائه بأن الضغط العسكري سيساعد في تحرير الأسرى، ولكن ما حدث هو العكس وإذ بعدد الأسرى يزداد بعد 8 أشهر من العدوان.
وأشار بعض المدونين إلى لحظة الصمت القصيرة لأبو عبيدة عندما قال عبارة “بعد أن أوقعوا”، واجتهدوا في الشرح والتفسير معتبرين أن هذا “السكوت الخفيف يُسمّى في الخطابة “سكتة”، وغرضها هو جذب الانتباه لأهم ما سيُقال في الكلمة.
الصحفي محمد أبو قمر من شمال قطاع غزة وصف 25 مايو 2024 بأنه يوم مفصلي في المعركة عنوانه (الشبشب).
وقال: بعد أكثر من 5500 ساعة من القصف والإبادة وحديث الاحتلال عن تدمير قدرات المقاومة، يتمكن المقاتلون من أسر آخرين كما اليوم الأول، مشيرًا إلى أن ذلك رغم اجتياح الاحتلال مخيم جباليا منذ 14 يوما وذلك للمرة الثانية منذ بداية الحرب، وتدمير كل ما فيها لكن لا تزال المقاومة تحتفظ بقدراتها وتدير المعركة على الأرض بجدارة. .
ويشدد على أن أسر جنود جدد يعني نسف كل أهداف الاحتلال المعلنة منذ بداية الحرب، فلم يعيد أسراه، ولم يقض على حماس.
ورأى أن الحدث أجهض ما كان يتحدث عنه نتنياهو ومجلسه الحربي بأن الضغط العسكري يحقق أهداف الحرب، وأن ما كان يروجه الاحتلال على أنه إنجاز عندما أعاد 7 جثث في عمليته بجباليا، لم يعد له رصيد، لأنه مقابل ذلك فقد آخرين كانوا أحياء.
وذهب إلى أن عملية الأسر ترفع أسهم المنادين من داخل اسرائيل بإنهاء الحرب، وتزيد الشروخ في المستويين السياسي والعسكري، لأن مشهد المقاتل الذي يجر جنديا أسيرا بكامل عتاده بينما هو في قدميه (شبشب) يشكل عنوان المعركة التي دخل إليها الاحتلال.
وأضاف أحدهم أنه لا توجد وحدة عسكرية تضع كواتم صوت على أسلحة مقاتليها في قلب ميدان القتال، ومع نفي المتحدث باسم جيش العدو أن يكون أيّ من جنودهم مختطفين، فإنه من المرجح أن الوحدة لا تتبع للجيش، وإنما وحدة تتبع للشاباك أو وحدة خاصة أخرى.
وتفاعل مدونون مع الصورة التي ظهر فيها المقاتل القسامي، وهو يجر جنديا إسرائيليا بكامل عتاده، واستشهدوا بأجزاء من أنشودة أناديكم لأحمد قعبور “أناديكم أشد على أياديكم وأبوس الأرض من تحت نعالكم وأقول أفديكم”.
وسخر ناشطون من نفي الجيش الإسرائيلي لاختطاف أي جندي إسرائيلي في غزة، وأعادوا نشر نفي سفير إسرائيل في الأمم المتحدة بعد إعلان الملثم خبر الجندي شاؤول آرون عام 2014، لتعترف تل أبيب بعد يومين بعملية أسر آرون، وأشاروا إلى أن التاريخ يعيد نفسه، وأن إسرائيل سوف تعلن عن عملية الأسر الجديدة للمقاومة، ولن تستطيع إخفاء الأمر.
وطرح آخرون سؤلا ساخرا بالقول “الآن يبقى السؤال نتنياهو سيسعى ليعيد أسرى 2014 أم أسرى 7 أكتوبر أم أسرى 25 مايو؟”.
أما الأكاديمي والشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي فقال إن ما يجري أقرب لخيال شعراء الملاحم والمعجزات الغيبية، الجيش الإسرائيلي كلما ازدادت قوته كلما ضعف مثل طاغية أسطوري ملعون تصيبه سيوفه بالشلل أو تصيبه خيوله بالكساح أو تصيبه أمواله بالفقر.
وأضاف البرغوثي أن إسرائيل منذ بداية الألفية عنفها يزداد وأثر عنفها يقل، بل تضعف تحديداً لأنها تزداد عنفاً ثم لا يجزيها ذلك شيئا.
ورأى أن إسرائيل كمشروع يفشل، سفينتها تغرق وسيغرق معها كل من عقدوا معها اتفاقيات العار والذل بل ربما تغرق معها كل خرائط الاستعمار في بلادنا…ليتعلم هؤلاء المنحطون المتكبرون، الآتون من وراء البحر أو أعوانهم وذيولهم…أن الله أكبر!
وعلق آخر، فقال إنها “أعمال أهل غزة يعرفون كيف يدافعون عن أرضهم، ويعيدون ما اغتصبه العدو منهم إرادة وتصميم وخبرة فاقت كل التوقعات وشجاعة نادرة يغلفها إيمان قوي بالله، وتوكل عليه وفنون قتالية مبتكرة أذلت العدو وأعجب بها العالم وخيبت آمال مؤيدي إسرائيل”.
وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها كتائب القسام أسر جنود إسرائيليين في غزة منذ معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وغرد آخر بالقول: “الخطاب الـ 27 من أول السابع من أكتوبر حتي اليوم، السادس و العشرون من مايو، اليوم الـ 233 حرب على غزة، فريقًا تقتلون و تأسرون فريقًا.
وأضاف: عملية مركبة عصر السبت واوقعوها بين قتيل وجريح (وأسير) من مسافة صفر، عملية أسر، وإنه لجهاد نصر أو استشهاد، فلم تقتلوهم ولكنّ الله قتلهم.
“}]]