الكويت/PNN- عُين ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح السبت أميرًا للبلاد إثر وفاة أخيه غير الشقيق نواف الأحمد عن 86 عامًا في حين تشهد الدولة الغنية بالنفط فترة عدم استقرار.
وأعلن التلفزيون الرسمي الكويتي أن “مجلس الوزراء ينادي بولي العهد حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أميرا لدولة الكويت”.
والأمير مشعل البالغ 83 عامًا تسلم من الشيخ نواف المهام الدستورية الرئيسية بعد حوالى 14 شهرا من تعيينه أميرا. تولى الشيخ مشعل مناصب في جهاز الأمن والمخابرات الكويتي، ونأى بنفسه عن الخلافات المريرة في كثير من الأحيان داخل العائلة المالكة.
وتوفي الأمير نواف بعد ثلاث سنوات من توليه الحكم. وقال الديوان الأميري في بيان “ببالغ الحزن والأسى، ننعى الى الشعب الكويتي والأمتين العربية والإسلامية وشعوب العالم الصديقة وفاة المغفور له بإذن الله تعالى حضرة صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الذي انتقل إلى جوار ربه ظهر اليوم السبت”.
الأمير مشعل البالغ 83 عامًا تسلم من الشيخ نواف المهام الدستورية الرئيسية بعد حوالى 14 شهرا من تعيينه أميرا
وعلى الإثر، أعلن الحداد في الكويت وتنكيس الأعلام مدة أربعين يومًا، وتعطيل الدوائر الحكومية ثلاثة أيام. وأعلن الديوان الأميري أن “مراسم دفن جثمان الأمير مقتصرة على أقرباء سموه فقط بمسجد بلال بن رباح غدا الأحد”، على أن يتم تلقي التعازي الإثنين.
تعازي من قادة إقليميين ودوليين
وأكد العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان “مشاركتهما والشعب السعودي أشقاءهم في دولة الكويت الأحزان”، بينما أشاد رئيس الوزراء الإماراتي حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بمن “خدم وطنه ستة عقود وأدى أمانته بكل إخلاص”.
وأعلنت كل من قطر والإمارات وعُمان ومصر الحداد ثلاثة أيام وتنكيس الأعلام.
وبعثت حركة حماس بـ”خالص تعازيها”، مشيدة في بيان “بمواقف دولة الكويت الثابتة وأدوارها الأصيلة… في دعم الشعب الفلسطيني والتضامن معه”.
وقدّم وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان تعازي بلاده الى الكويت “حكومة وشعبا”، وفق وكالة الأنباء الرسمية “إرنا”.
ووصف ريشي سوناك، رئيس وزراء المملكة المتحدة، الشيخ الراحل بأنه “صديق عظيم للمملكة المتحدة”.
وقال الكرملين إن الراحل “كان يتمتع بوزن كبير في الشرق الأوسط”.
من جهته، نوّه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عبر منصة “إكس” بـ”دعم سموّه الراسخ لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، إضافة الى المساعدة الانسانية”، آملا في أن تذكر الأجيال الحالية والمقبلة “التزامه المساعدة الإنسانية حول العالم”.
عالِم بالأمور
وبات الشيخ مشعل، وله من الأبناء 12، الحاكم السابع عشر للكويت. وسيكون أمامه عام لتسمية ولي عهده، وسط تكهنات بشأن اختيار شخصية من الجيل الأصغر سنًا.
وقال بدر السيف أستاذ التاريخ المساعد في جامعة الكويت إن اختيار ولي العهد سيعكس “الديناميكيات الداخلية للأسرة الحاكمة. وسواء شهدت الكويت أول تحول جيلي منذ عقود أم لا… فإن البلاد ستحتاج إلى تحقيق إنجازات على صعد عدة”.
وكان الشيخ مشعل نائباً لرئيس الحرس الوطني الكويتي من 2004 إلى 2020 بعدما أمضى سنوات عديدة في وزارة الداخلية حيث تدرج في الرتب حتى ترأس إدارة المباحث العامة من عام 1967 حتى عام 1980، وكان له الفضل في تعزيز وظيفتها كجهاز لأمن دولة.
كان الشيخ مشعل نائباً لرئيس الحرس الوطني الكويتي من 2004 إلى 2020 بعدما أمضى سنوات عديدة في وزارة الداخلية
وكتب بدر السيف على موقع إكس “من خلال عمله في جهاز الأمن وفي الحرس الوطني، يعد الشيخ مشعل عارفًا بكل خفايا الأمور… فهو كان موجودا في الغرفة المجاورة لثلاثة من الأمراء الأربعة السابقين على نحو يومي” من دون أن يتولى منصبًا في الحكومة.
وفي عام 2016، سافر الشيخ مشعل إلى الخارج وخضع لـ”عملية ناجحة”، لم يُكشف عن تفاصيلها.
ينص دستور الكويت على أن الأمير يجب أن يكون من ذرية مؤسس الدولة الشيخ مبارك الصباح. وتقليديًا، تناوب على الحكم فرعا العائلة السالم والجابر، لكن هذا التقليد لم يتكرر خلال العقد الحالي، إذ ينتمي كل من الشيخ صباح والشيخ نواف والشيخ مشعل إلى فرع الجابر.
وكان الشيخ نواف أدخل المستشفى في تشرين الثاني/نوفمبر “إثر وعكة صحية طارئة لتلقي العلاج اللازم وإجراء فحوصات طبية”، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الكويتية (كونا). ثم أعلن لاحقًا أن حالته مستقرة.
سمّي الشيخ نواف وليًا للعهد عام 2006 قبل أن يخلف في 2020 أخاه غير الشقيق الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي توفي في أيلول/سبتمبر من ذلك العام عن 91 عامًا.
وكان عليه أن يقود اقتصاد بلاده خلال أزمة اقتصادية ناجمة عن انخفاض أسعار النفط وأدت إلى خفض الوكالات الدولية التصنيف الائتماني للكويت عام 2020.
ينص دستور الكويت على أن الأمير يجب أن يكون من ذرية مؤسس الدولة الشيخ مبارك الصباح لكن هذا التقليد لم يتكرر خلال العقد الحالي، إذ ينتمي كل من الشيخ صباح والشيخ نواف والشيخ مشعل إلى فرع الجابر
“أمير العفو”
لم يكن عهد الشيخ نواف الأقصر الذي شهدته الكويت، اذ سبق لبعض أمرائها أن تولوا الحكم تسعة أيام أو أربعة عشر يوما، وفق بدر السيف. وأضاف “أصدر العديد من قرارات العفو التي جعلته يلقب بأمير العفو”.
ففي الشهر الماضي، وافق مجلس الوزراء الكويتي على مرسوم أميري يعفو عن السجناء السياسيين المدانين خلال العقد الماضي. كما صدرت مراسيم عفو مماثلة في عام 2021.
وقال السيف إن الشيخ نواف “سيبقى في الذاكرة أيضا لخصاله الفريدة فقد كان هادئًا وورعًا ومتواضعًا وقليل الظهور”.
دولة الكويت المحافظة التي تحكمها أسرة الصباح، اعتمدت النظام البرلماني منذ 1962. ولكن، منذ ذلك الحين تم حلّ المجلس التشريعي مرارا. وفي حين يُنتخب النواب، يتم تعيين وزراء الحكومة من قبل عائلة الصباح المهيمنة على الحياة السياسية.
وأدى عدم الاستقرار السياسي في الكويت إلى إضعاف شهية المستثمرين في بلد يعدّ أحد أكبر مصدري النفط في العالم. وينجم عدم الاستقرار عن خلافات بين شخصيات من الأسرة الحاكمة والبرلمان.
وخلال السنة المنصرمة، شهدت البلاد تشكيل خمس حكومات. كما شهد عهد الأمير نواف تنظيم ثلاثة انتخابات برلمانية.
ويعزى عدم اليقين إلى خلافات داخل عائلة الصباح نفسها مع تبادل الاتهامات بين بعض أفرادها بالتربح أو التآمر.
وأعاق هذا الوضع الإصلاحات التي يحتاج اليها الاقتصاد الكويتي بغرض تنويع موارده، على عكس الأعضاء الخمسة الآخرين في مجلس التعاون الخليجي الماضين في مشاريع لتنويع اقتصاداتهم وجذب المستثمرين الأجانب.
(أ ف ب)