[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
يتواصل الحراك الشعبي الأردني الحاشد لليوم الثامن على التوالي في محاصرة سفارة الاحتلال في منطقة الرابية في العاصمة الأردنية عمّان، على الرغم مما شهدته الليلة السابقة من “أحداثٍ مؤسفة” تخللها قمع المتظاهرين واعتقال العشرات منهم، في ظل دعواتٍ متواصلة لإعلاء صوت العقل والحكمة في أرض الحشد والرباط التي أظهرت قدرًا عاليًا ومهمّا – رسميًا وشعبيًا – في تقديم النصرة لغزة في ظل العدوان الغاشم المتواصل منذ ستة اشهر، الأمر الذي “أغاظ” أطرافًا عديدة بدأت تسعى لمواجهة كافة الحراكات الشعبية والرسمية المناوئة للاحتلال وضربها، وعلى رأسها دولة الاحتلال الصهيوني التي تواجه عزلة دولية واسعة بسبب جرائمها والقرارات الدولية الصادرة بحقها.
وأكد مراقبون أنّ الحراك الشعبي الأردني يشكّل رافعة للأردن ومواقفه المتقدمة في نصرة أهل غزة، بعيدًا عن الاتهامات والمساعي الحثيثة التي بدأت تظهر عبر حملات “مشبوهة” تقودها حسابات وهمية يقف خلفها الاحتلال وبعض الأطراف المتضامنة معه، لإثارة “الفتنة” في الشارع الأردني وخلق حالة من الانقسام، بعد أن ظهر جليًا تأثير فعاليات “حصار سفارة الاحتلال” وقيادتها وتأثيرها في المشهد العربي والإسلامي وتداولها على نطاقٍ واسعٍ كأنموذج يجب أن تحتذي فيه كافة الشعوب العربية والإسلامية لمواصلة الضغط على العالم لوقف العدوان الظالم على غزة.
الاحتلال يسعى لإثارة الفوضى بمواجهة عزلته
من جانبه حذر الكاتب والمحلل السياسي حازم عياد من أنّ “حملة الاحتلال” التي أطلقها لم تستهدف الاردن وحده -كما هو واضح- ولن يتورع عن الاستعانة بشركائه في الاقليم لممارسة الضغوط، كما لن يتورع عن استخدام ادوات قذرة، ما يعني ضرورة رفع مستوى الاستعداد واليقظة.
وشدد عياد على أنّ العدو الاسرائيلي يستشعر العزلة، ويحاول إثارة الفوضى لإعاقة الجهود الشعبية والدولية والرسمية لعزله ومحاصرته، ومما يؤسف له عدم تنبه العديد من الكتاب والمثقفين والمسؤولين لحقيقة هذه الحملة المعلنة للكيان الاسرائيلي إلى درجة تماهي بعضهم معها عن جهل وحسن نية، او لارتباطات ومصالح خارجية تمثل مصالح بعض الاطراف الإقليمية المُحْرَجة من تصاعد الحملة العالمية والعربية الداعية إلى مقاطعة الاحتلال ومحاصرته، وإغلاق الموانئ في وجهه.
ولفت عياد إلى أنّ معركة الاحتلال الاسرائيلي لم تعد مع الشعب الفلسطيني ومقاومتة فقط، بل مع المجتمع الدولي والعالم العربي والاسلامي بما فيها روسيا والصين والاردن، فالاصوات التي تعالت بالقرب من سفارة الاحتلال في منطقة الرابية لتطوير السياسة الاردنية بما يتناسب مع تطور الموقف الاممي كحد ادنى يقلق الكيان الاسرائيلي، ويحرج دولاً عربية موغلة في التطبيع مع الكيان، مفسرا بذلك عاصفة الاستهداف للشعب الاردني والضغوط الممارسة على حكومته من قبل اطراف اقليمية لقمع الحراك الشعبي وتصفيته.
وأكد على أنّه ورغم ان الحراك الشعبي في اميركا واوروبا بل افريقيا يفوق في بعض جوانبه ما نشهده في شوارع عمّان، وفي اروقة دبلوماسيتها، الان ان الحراك الاردني يتميز بكونه يمثل تهديدا مباشر للكيان، ولمصالح شركائه في المنطقة، فهو المحرك الفعلي لجهود عزل الكيان ومحاصرته في الاقليم، ما يستدعي الحذر من الحملات التي تستهدف الشعب الاردني وحراكه الداعي لمقاطعة الاحتلال؛ فالاردن شعباً وقيادةً الاقدر على قيادة حراك المنطقة الشعبي والدبلوماسي، وانتزاع دور قيادي حقيقي لمحاصرة الكيان وعزله.
وختم عياد بالقول: الحقيقة التي لا يجوز تجاهلها او القفز عنها عند تناول الحملة على الاردن، شعبا ودولة ومؤسسات، ان الاردن كجنوب افريقيا في القارة السمراء، وكحال البرازيل وكولومبيا في اميركا اللاتينية، وماليزيا في آسيا، يملك دورا قياديا مؤثراً في بيئته العربية لمحاصرة الكيان وعزله، وشل إستراتيجيته المتبعة لتمرير وتبرير جرائمه ومشاريعه الاستعمارية في فلسطين والاقليم، الامر الذي يغيظ الكيان الاسرائيلي وبعض الدول العربية الموغلة في التطبيع، ويدفعها إلى وضعه على سلم أولولياتها واهدافها، فهل يعي ذلك بعض الكتاب المحترمين والمسؤولين الموقرين عندما يهاجمون حراك الشارع الذي يعد قوة كامنة للدولة الاردنية، وعنصراً مهماً في تدعيم قوتها الناعمة والصلبة؟
شيطنة الحراك
بدوره تساءل الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة: بأي منطق يقوم البعض بشيطنة الحراك الشعبي المُناصر للمقاومة، أو تبرير اعتقال بعض ناشطيه؟
وقال الزعاترة: فرق بين التعامل ضمن القانون مع فعل أو قول من شخص أو أشخاص خرجوا عن السياق، وهو مُتاح في زمن “الكاميرات” الثابتة والمتنقلة، وبين شيطنة الحراك وجعله عملا عدائيا، وهو ليس كذلك بحال.
وشدد على أنّ عدونا في حالة حرب وفيه مظاهرات متواصلة، لم يشيطنها أحد، منوهًا إلى أنّ أي مواجهة مع الكيان الصهيوني ليست قضية جانبية في الأردن، فكيف حين تكون حربا بهذه الأهمية؟
وأكد على أنّ إحباط عدوان “الكيان” ومخططاته قضية وجودية، وليست مجرّد تضامن مع أشقاء يواجهون حرب إبادة، مع أن هذه الأخيرة تستحق دون جدال.
وحذر الزعاترة من أنّ “مآلات مشروع الغزاة الصريحة هي “الوطن البديل”، بعد تهويد “يهودا والسامرة”؛ أي الضفة الغربية، وتهجير أهلها”.
ولفت إلى أنّ “الوحدة خلف خيار التصدّي لمخططات العدو هي الصواب الذي لا شك فيه، وهذا ما تؤمن به الغالبية الساحقة”.
إيجابيات الحراك الشعبي
أما الكاتب والصحفي فراس أبو هلال، فقال: دائما دور المتظاهرين في كل العالم هو انتقاد المواقف التي يرونها سلبية. المظاهرات لا تذكر المواقف الإيجابية للدولة، فهذا ليس دورها. لذلك لا يفترض وجود حساسية من التركيز على السلبيات. المواقف الإيجابية يظهرها رجال الدولة وإعلام الحكومة. هكذا تصبح العملية السياسية مكتملة، طرف ينتقد وطرف يظهر موقف الدولة.
وأكد أبو هلال، أنّ المظاهرات فيها تقوية لموقف الأردن لو أحسن التعامل معها: أولاً أنه يظهر أن البلد قوي ويحتمل الاختلاف، وثانيا يظهر للعالم أن الدولة يجب أن تتخذ مواقف قوية تختلف مع أمريكا وحلفائها مع تقليل أعباء هذه المواقف لأنها استجابة لنبض الشعب، وثالثا تساهم في الضغط على الاحتلال الذي يستهدف الأردن ويعلن وزراء فيه بشكل علني استهداف الأردن ورابعا يرد على الإساءات التي ترد في الإعلام العبري ضد الأردن عبر الشارع الذي تتيح له القوانين أن يتظاهر.
تكسير صورة الأردن تخدم المتربصين
أما الإعلامي حسام غرايبة فتساءل: لمصلحة مّنْ يتم تكسير صورة الأردن؟ لقد جابت المظاهرات كل دول العالم استنكارا لهذه الإبادة الجماعية التي تحدث في غزّة، المتظاهرون (في عواصم تدعم الكيان بالسلاح) اغلقوا شوارع و وقفوا بوجه سفن تنقل السلاح للاحتلال… فلماذا يضيق صدر الدولة ببضعة مئات او الاف يجتمعون بالقرب من سفارة الاحتلال؟
وشدد على أنّه مازال بالإمكان استدراك الأمر والرجوع خطوة للخلف، والتوافق الشعبي والرسمي يمكن تركيزه للمطالبة بوقف العدوان الغاشم وفتح المعابر لإيصال المساعدات دون إعاقة وهذه مطالب الأردن منذ بداية الحرب واستطاع حشد الرأي الدولي باتجاهها. تماسك جبهة الأردن الداخلية ووحدة صفنا هو افضل ما نخدم به اهلنا في غزة ونقوّي فيه موقف بلدنا، اما حالة الشيطنة المتبادلة فلا تخدم إلا عدونا المتربص بنا.
فرصة لرفع سقف الدبلوماسية الأردنية
أما الوزير الأسبق الدكتور محمد أبو رمّان فخلص إلى “أنّ هنالك مشكلة كبيرة في صوغ الرسالة الإعلامية الأردنية وقدرة الأردن على الوصول إلى الداخل، فضلاً عن الخارج، من جانب، ومن جانبٍ آخر المشكلة في القدرة على إدارة الأزمات والتعامل معها، والغريب أنّ هنالك تقديراً واضحاً للسياسة الأردنية من الشارع الأردني واعتزازاً بالمواقف الواضحة والصلبة، لكن هذه التوجّهات بدلاً من استثمارها سياسياً في الداخل، لبناء توافقات وطنية وتعزيز الشرعية السياسية وتصليب موقف الأردن، تحوّلت إلى مصدر تهديد وتحدٍّ بين المؤسّسات الرسمية من جهة، وقوى المعارضة والحراك الشعبي من جهةٍ أخرى”.
وقال أبو رمّان في مقالة له في صحيفة “العربي الجديد”: ثمّة فجوة منطقية، في العادة، بين الحكومات والمعارضات، حتى لو جاءت المعارضة إلى الحكم ستتغيّر حساباتها، هذه بديهيات سياسية في العالم كله. وبالضرورة، هنالك اختلافات بين الشارع والحكومة في مستوى الدور الأردني المطلوب، وبشأن مسائل مثل ما سمّي “الجسر البري”، والموقف من اتفاقيات السلام.
وعبّر عن أسفه من أنّ هذا أمر من الممكن تحويله إلى فرصة للنظام يستثمرها في رفع سقف الدبلوماسية في مواجهة العدوان على غزّة، لكن للآسف تُهدر هذه الأوراق المهمّة في يدي الأردن، مع خضوعٍ لحساباتٍ صفريةٍ في معادلة صغيرة بحسابات الأمن الوطني والمصالح الحيوية بين مختلف الأطراف الداخلية، وهذه الأزمات الاتصالية والإدارية باتت بمثابة ظاهرة أساسية في تحليل السياسات الأردنية.
الاعتقالات تسيء لصورة الأردن
بدوره دان “الملتقى الوطني لدعم المقاومة” حملات التحريض والتشويه ضد المقاومة والحراك المندد بالعدوان على غزة.
وقال الملتقى في بيان صادر عنه، وصل المركز الفلسطيني للإعلام، إنّ ما جرى من اعتقالات وفض الفعاليات في محيط السفارة بالقوة يسيء لصورة الأردن والموقف الأردني تجاه القضية الفلسطينية.
وتابع بالقول: على مدى ستة شهور من العدوان شهد الأردن آلاف الفعاليات حافظ فيها الحراك على سلميته ونؤكد على استمرار الفعاليات اليومية في محيط السفارة
وحذر من أنّ التحريض ضد المقاومة خنجر في ظهرها في ظل ما تواجهه من عدوان غير مسبوق.
وختم الملتقى بيانه بالقول: من المؤلم أن تصبح العلاقة مع الكيان الصهيوني كأنها أمر مقدس لا يمكن المساس به بما يتعارض مع الموقف الشعبي الأردني الرافض لها.
الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي المهندس مراد العضايلة، أعاد التأكيد على أنّ الحراك المناصر لغزة رافعة للدولة الأردنية وأحد عناصر قوتها، يحتاج إلى من يوظفه في خدمة الدولة.
“}]]