[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
يعاني الطفل محمد رجب من مرض جلد ينتمي إلى فئة الأمراض المناعية التي يفترض أن تختفي مع تقدمه في العمر.
كان محمد (11 عاماً) قد تخلص العام الماضي من المرض بشكل شبه نهائي، غير أن حرب الإبادة المتواصل على غزة منذ 10 أشهر، قلبت حياته رأساً على عقب.
تقول والدة محمد إن طفلها ولد بمرض مناعي يسمى “انحلال البشرة الفقاعي”، وهو مرض نادر يسبب هشاشة الجلد وتقرحه عند التعرض لإصابة بسيطة، حتى من الحرارة أو الاحتكاك أو الخدش، أو ارتداء ملابس خشنة.
حين ولادته طمأن الأطباء الأبوين بأن المرض ليس مزمناً ولكنه يأخذ وقتاً حتى الاستشفاء التام، إذ يعتمد على تطور الجهاز المناعي مع تقدمه في العمر، “وهذا ما حدث ففي كل عام كان انحلال بشرة محمد يقل عن العام الآخر”.
وبأسى شديد تحدث الأم المركز الفلسطيني للإعلام عن الحالة التي داهمت محمد إثر مكوثهم منذ أشهر داخل خيمة في مخيم يضم آلاف النازحين، مشيرة إلى أنها لا تعرف كيف تتعامل مع تلك التقرحات.
تقول: “في العادة كنت استخدم مراهم محددة لترطيب جلد محمد، وأجعله يستحم بالماء البارد، واعتمد على الملابس القطنية إلى جانب منعه من الخروج في الأجواء الحارة. أما اليوم فنحن بالكاد نُأمّن الماء للطعام أو للشرب”.
وبينما تشير إلى الواقع البيئي المرير من حولها حيث تنتشر النفايات على قارعة الطريقة الموصل إلى مخيم النزوح، تؤكد اضطرار محمد للخروج يومياً في ظل أجواء حارة ورطوبة عالية للمشاركة في نقل الماء إلى الخيمة.
ويتطلب ذلك من محمد السير لمسافات بعيدة والانتظار لوقت طويل حتى يحين دوره، ما يزيد من التعرق وتراكم الأوساخ ويحفز انحلال البشرة، وفق الأم.
وتلفت إلى أنهم لا يحصلون على طعام صحي والذي يعد أساسياً لبناء الجهاز المناعي، ويعتمدون في غذائهم اليومي على المعلبات التي تحتوي على نسب مرتفعة من المواد الحافظة، كما لا يحصلون على حصص كافية من الخضار بسبب ارتفاع أسعارها.
وتفاقمت الأوضاع الصحية في غزة جراء طفح مياه الصرف الصحي، وتلوث مياه الشرب، مما أدى إلى انتشار الأمراض الجلدية والوبائية، حيث تتسرب مياه الصرف الصحي إلى مراكز وخيم الإيواء، ويعاني النازحون من تراكم النفايات في الطرقات، وامتلاء الشوارع بالروائح الكريهة.
ومع شح المياه والمنظفات كالصابون ووسائل الاستحمام، وانهيار المنظومة الصحية، يبدو المشهد أكثر تعقيداً، حيث تنعدم وسائل النظافة الشخصية وسط حالة من الاكتظاظ السكاني في مراكز ومناطق النزوح، وهي حالة تؤكدها الفتاة روان عبدالعزيز للمركز الفلسطيني للإعلام.
وتعاني الفتاة الجامعية النازحة في دير البلح من انتشار الأكزيما في يديها ووجهها، وتقول إنها لم تكن أبداً تعاني من هذا المرض الجلدي قبل الحرب أو حتى قبل شهر من الآن.
وتظهر الأكزيما بشكل واضح على وجه روان (20 عاماً)، وتقول إنها تشعر بجفاف شديد في جلدها، وبرغبة كبيرة في خدشه بسبب الحكة التي تداهمها في الليل.
وتشير إلى ساعديها حيث انتشرت العديد من البقع الحمراء وظهرت قشور بين أصابع كفيها، موضحة أن نظام حياتها اليومي لا يعطيها فرصة للاستشفاء من المرض الذي يتطلب استخداماً معتدلاً للماء، عدا عن الابتعاد عن المياه الملوثة، “وهذا ما لا يمكنني فعله، فأنا أساعد أمي في غسل الملابس على يدينا وغسل الأواني.. لا يمكنها أن تفعل هذا بمفردها”.
وتحدثت روان عن شح مواد النظافة الشخصية في الأسواق أو ارتفاع أسعارها عدا عن جودتها السيئة، مشيرة إلى أن سعر عبوة الشامبو يتراوح بين 80-100 شيكل، والصابونة صغيرة الحجم 15 شيكلاً، وهو مبلغ كبير في ظل الحاجة إلى توفير مواد أساسية أخرى كالطعام والشراب.
ويعد محمد وروان من بين ما يقدر بنحو 150 ألف فلسطيني يعانون من التهابات جلدية تتراوح بين الجرب، وجدري الماء، والقمل، والقوباء، وأمراض جلدية منهكة أخرى، وفقًا لإحصائيات صادرة عن وزارة الصحة في غزة.
ويقول المنسّق الطبي لمنظمة “أطباء بلا حدود” في غزة، محمد أبو مغيصب: “الأطفال معرّضون للخطر؛ لأنهم يلعبون في الخارج، ويلمسون أي شيء، ويأكلون أي شيء دون غسله”.
ويوضح أن “الطقس الحار يزيد من العرق وتراكم الأوساخ التي تسبّب الطفح الجلدي والحساسية، والتي إذا تمّ خدشها تؤدي إلى الالتهابات”.
وتخشى منظمة أطباء بلا حدود ظهور أمراض جلدية أخرى مثل داء الليشمانيات الذي يمكن أن يكون قاتلاً في أشدّ أشكاله فتكاً، وفق تأكيد أبو مغيصب، مؤكداً أن الأجهزة المناعية لأطفال غزة في أسوأ حالتها بسبب سوء التغذية، ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.
وفي وقت سابق قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” إن “أطفال قطاع غزة يواجهون ظروفا صعبة وسط الأمراض الجلدية والبيئة غير الصحية والأعمال العدائية التي لا تنتهي”.
وأضافت أن “أطفال غزة يواجهون ظروفاً صعبة، منها الأمراض الجلدية، والبيئة غير الصحية، والأعمال العدائية التي لا تنتهي”.
منذ بداية حرب الإبادة على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أصيب نحو 96417 شخصا بالجرب والقمل، و9274 حالة جدري ماء، و60130 حالة طفح جلدي، و10038 حالة قوباء، بحسب منظمة الصحة العالمية.
“}]]