[[{“value”:”
رفح – المركز الفلسطيني للإعلام
في تجاهل واضح لكل التحذيرات الدولية، أعلن الاحتلال الإسرائيلي عزمه تكثيف الهجمات البرية على مدينة رفح وإرسال المزيد من القوات إلى المدينة، بذريعة البحث عمن تبقى من كتائب المقاومة الفلسطينية لإعلان الانتصار المطلق على حركة حماس.
وخاطب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الخميس، جنود في منطقة رفح بقوله: إن “المعركة في رفح حاسمة… إنها معركة تقرّر أشياء كثيرة في هذه الحملة”.
ويتمسّك نتنياهو بتنفيذ هجوم واسع على المدينة التي يدعي أنها آخر معقل رئيسي لحركة حماس في غزة، مضيفًا-وفق ما جاء في بيان صادر عن مكتبه-: “لا يقتصر الأمر على وجود بقية كتائب حماس فحسب في رفح، بل إنها (المدينة) بمثابة شريان حياة لها للهروب وإعادة الإمداد، كما أن استكمال المعركة يقرّبنا مسافة كبيرة من هزيمة العدو”، حسب زعمه.
وذكرت وزارة الدفاع الأمريكية، أمس الخميس، أن الوزير لويد أوستن أكد في اتصال هاتفي مع وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت “الضرورة التي لا تقبل الجدال” لحماية المدنيين وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون توقف قبل أي عملية عسكرية محتملة في رفح.
ووفق وكالة غوث وتشغي اللاجئين (أونروا)، فقد نزح 630أكثر من ألف شخص من المدينة منذ الإنذار الذي وجهه الاحتلال بضرورة إخلاء شرقها، والذي تلته سيطرة قوات الاحتلال على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في السابع من مايو/ أيار.
في السياق ذاته تتظاهر الولايات المتحدة بأنها تعارض عملية عسكرية إسرائيلية “واسعة” في المدينة، جنوبي القطاع، بينما تواصل دعم الاحتلال في عدوانه بالمال والسلاح؛ حيث يصل مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إلى الأراضي المحتلة، الأحد المقبل، لبحث العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، وسيلتقي كلاًّ من نتنياهو وغالانت وبيني غانتس.
وبحسب موقع “واينت” الإخباري العبري، فإن سوليفان سيصل إلى إسرائيل بعد زيارة إلى المملكة العربية السعودية، بهدف الدقع بقضية التطبيع”.
خلاف شكلي
وتعقيبا على الموقف الأمريكي، يقول الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي، إنه يجب أن يكون معلومًا أنه لا يوجد خلاف بين الولايات المتحدة والاحتلال على مبدأ الحرب على قطاع غزة والقضاء على حركة حماس، مضيفًا أن الخلافات حول إدارة الحرب وسؤال اليوم التالي، والترتيبات السياسية التي تنتهي لها الحرب.
وأكد في تصريحات لمراسل المركز الفلسطيني للإعلام، أن الولايات المتحدة وإسرائيل تتفقان كليًّا على مبدأ القضاء على حركة حماس وإضعافها بشكل كبير جدًا.
وقال: “واشنطن لا تعترض على عملية في رفح لكنها تعترض على عملية واسعة تسبب للمدنيين فيها كوارث إنسانية كبيرة، ومع ذلك هذا الاعتراض ليس بالضرورة أن يظل ثابتًا، لأن الإدارة الأمريكية لم تكن تفضل طريقة الأرض المحروقة في غزة، ومع ذلك سمحت له بالاستمرار”.
وأشار إلى أن الاحتلال إذا فرض خياراته ووقائعه فإن الولايات المتحدة تدعمه كما دللت الأحداث، وهذا يعني أنه مجرد اختلافات في الرأي بين أصحاب الطاولة الواحدة والطرف الواحد وأصحاب المعركة، وليس بين طرفين مختلفين.
وتابع: “إذا تم اجتياح رفح الواسع، فإن الولايات المتحدة ستدعمه بلا أدنى شك، وواشنطن لا تريد اجتياح لرفح كما جرى في غزة وهي تريد عملية محدودة وإن كان فيها من الكوارث ما فيها”، موضحًا أن الخطة الإنسانية التي تريدها واشنطن لاجتياح رفح، تعبير مضلل “فلو نجحت بتقليل أعداد الضحايا من المدنيين فإنها حتمًا ستدمر مدينة رفح بالكامل”.
وأكد أن الخطة الإنسانية تعبير غير أخلاقي فهي لو راعت حياة الناس فإنها تتجاهل تمامًا مساكن الناس وشوارعهم وممتلكاتهم ومشافيهم وغيرها، مضيفًا أن الاحتلال الحالي لمعبر رفح تم بالتوافق والرضا مع واشنطن، من خلال السماح للاحتلال أن تسهل سيطرته على غزة.
االملف أمام المحكمة
وأمس الخميس، بدأت محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، النظر في طلب جديد لجنوب أفريقيا حول ما تعتبره “إبادة” ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة.
وقال محامٍ عن جنوب أفريقيا أمام المحكمة إن الهجوم الإسرائيلي على رفح هو “الخطوة الأخيرة” في تدمير غزة، داعية المحكمة إلى إصدار أمر بوقفه.
واتهمت جنوب أفريقيا إسرائيل بتصعيد “الإبادة” التي ترتكبها في غزة، وقال كبير المحامين الممثلين لجنوب أفريقيا فوسيموزي مادونسيلا: “كانت جنوب أفريقيا تأمل، عندما مثَلنا آخر مرة أمام هذه المحكمة، في وقف عملية الإبادة هذه حفاظا على فلسطين وشعبها”، مضيفاً “لكن بدلاً من ذلك، استمرت الإبادة الإسرائيلية على نحو متسارع وبلغت للتو مرحلة جديدة ومروعة”.
وتعرب عواصم ومنظمات عدة عن قلقها إزاء عملية برية واسعة في رفح الواقعة على الحدود المصرية والتي لجأ إليها مئات آلاف المدنيين هرباً من القتال في القطاع.
ورفح هي المركز اللوجستي الأكثر أهمية في قطاع غزة، والبوابة الحاسمة لمعظم المواد الغذائية والأدوية وغيرها من المساعدات التي دخلت القطاع الذي يبلغ عدد سكانه 2.2 مليون نسمة.
وقد أدى القتال إلى إغلاق معبر حدودي بين رفح ومصر، ولفترة من الوقت، أدى إلى انخفاض كبير في حركة المرور في المعبر بين رفح وإسرائيل في كرم أبو سالم، ومنذ سيطرة القوات الإسرائيلية على معبر رفح، أغلق المعبر أمام المساعدات الحيوية لسكان القطاع الذي بات على شفير المجاعة، وفق الأمم المتحدة، فيما حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن “خطر المجاعة في غزة لم يلُح في الأفق أبدًا”.
ومع توغل إسرائيل بشكل أعمق في رفح، وتجدد الغارات الجوية الإسرائيلية والقتال في شمال غزة الذي يعاني من ضغوط شديدة، ما أدى إلى فرار عشرات الآلاف من المدنيين الآخرين، فإن التساؤلات حول أين سيذهب النازحون من غزة وكيف سيدخل الغذاء والدواء وغيرها من الضروريات الأساسية ويتم توزيعها في مختلف أنحاء غزة تزداد أهمية، حسبما تشير “نيويورك تايمز”.
معبر رفح
وفي الأثناء، حذر مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة من أن “سيطرة قوات الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح تسببت بمنع سفر أكثر من 22 ألف جريح ومريض، ممن هم بحاجة ماسة للمستشفيات الخارجية، ومنعهم من حرية الحركة، مع قيامه بإسقاط المنظومة الصحية وإخراجها عن الخدمة، بعد تدمير وحرق 33 مستشفى من أصل 35 في القطاع، وهو ما ينذر بوقوع كارثة تهدد حياتهم”.
وأشار الثوابتة إلى أن إقدام قوات الاحتلال على مهاجمة محافظة رفح، التي يعيش فيها حاليًا نحو مليون و٢٠٠ ألف فلسطيني، ينذر بوقوع كارثة إنسانية حقيقية بحق مئات آلاف المواطنين، ما يهدد حياتهم ويجعلهم في صفوف الشهداء والجرحى والجوعى.
وحمّل الثوابتة -في تصريح للقدس تابعه مراسلنا- الاحتلال وداعمته أمريكا المسؤولية الكاملة عن جرائم الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، وتصعيد حرب التجويع والتعطيش والتطهير العرقي والتهجير القسري، واختطاف وتعذيب الأسرى المدنيين دون ذنب.
وطالب الثوابتة المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومؤسساتها بالتحرك العاجل لوقف جريمة العصر، ووضع حد للكارثة الإنسانية المتواصلة التي يعانيها الشعب الفلسطيني لما يزيد على ٧ أشهر، واتخاذ ما يلزم من قرارات تُجبر الاحتلال على وقف مجازر الإبادة، والانسحاب من معبر رفح، وإعادة فتحه وتسهيل وصول المساعدات الإغاثية والطبية التي يحتاجها الشعب الفلسطيني، والإفراج الفوري عن جميع الأسرى المختطفين من قطاع غزة.
ويواصل جيش الاحتلال منذ 9 أيام اجتياحه البري لمدينة رفح، مع عدم إدخال أي مساعدات من معبر كرم أبو سالم، ما تسبّب بمنع خروج آلاف الجرحى لتلقي العلاج في الخارج، ووصول المساعدات الإنسانية والطبية، ما ينذر بكارثة إنسانية جديدة، وفقدان مئات المرضى والجرحى حياتهم لعدم توفر الأدوية اللازمة، وعدم قدرة المراكز الصحية المتبقية للتعامل مع احتياجاتهم الطبية، وتفاقم أزمة الأمن الغذائي، ووصولها إلى حالة المجاعة، في كافة أنحاء القطاع المحاصر.
وطالب الثوابتة مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في 19 نوعاً من جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية المخالفة للقانون الدولي ضد المدنيين، وإصدار مذكرات توقيف بحق مجرمي الحرب من قادة الاحتلال، وفي مقدمتهم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير حربه وقائد أركان جيشه.
“}]]