[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
ما بين قطع للرؤوس، وسحق تحت الركام، وتقطيع للأشلاء، وقنص بالرصاص .. تنوع استهداف الاحتلال الإسرائيلي لأطفال غزة خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ 10 أشهر والتي تحولوا فيها إلى أهداف مستباحة في بنك الأهداف الإسرائيلي.
ومن نجا من القصف من أطفال غزة، وجد المعاناة من بتر الأطراف إلى الحرق والتشويه، أو الإصابة بالأمراض المعدية، مع انهيار المنظومة الصحية، بينما فقد الكثيرون والديهم وأهاليهم ليصبحوا أيتاماً بفعل العدوان الصهيوني.
إعدام بدم بارد
قال الطبيب اليهودي الأميركي “مارك بيرلموتر” العائد من غزة إنّ الجيش الإسرائيلي قتل عمداً أطفالاً بنيران قناصته، مؤكداً أنه لم يشاهد في حياته أطفالاً مقطّعين ومصابين كما رأى في القطاع.
وأوضح “بيرلموتر “لشبكة “سي بي إس” الأميركية أن الجيش الإسرائيلي قنص أطفالاً بصورة متعمدة، قائلاً “لدينا مستندات تثبت حالات الاستهداف الممنهج للأطفال وارتكاب جرائم حرب بحقهم”.
وأضاف الطبيب الأميركي أنه شاهد أطفالاً استهدفوا “برصاص قناصة” حتى الموت في قطاع غزة، وهو ما يكذّب ادّعاء جيش الاحتلال الإسرائيلي أنّه لا يستهدف الأطفال في المعارك.
وفي مارس/ آذار الماضي أعلن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أنّه وثّق إعدام الجيش الإسرائيلي لـ 13 طفلاً فلسطينياً بإطلاق نار مباشر في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه في غزة.
وأوضح المرصد أنّ فريقه الميداني تلقى إفادات وشهادات وصفها بالمتطابقة بشأن جرائم إعدام وقتل بحق أطفال فلسطينيين تتراوح أعمارهم ما بين 4 سنوات و16 سنة، بعضهم أثناء محاصرة الاحتلال لهم مع عوائلهم داخل منازلهم، وآخرين خلال محاولتهم النزوح في مسارات حددها لهم الجيش الإسرائيلي مسبقاً.
أم تحتضن جثة طفلها المسجّى مع عدد من الشهداء الأطفال في مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار
وأورد المرصد الحقوقي حينها شهادة للفلسطيني إسلام علي صلوحة، من سكان محيط مستشفى الشفاء، قال فيها إنّ قوات إسرائيلية قتلت نجله الطفل علي (9 سنوات)، والطفل سعيد محمد شيخة (6 سنوات) “أمام أعين عوائلهما بعد استهدافهما بالرصاص الحي بشكل متعمد”.
وأوضح صلوحة أنّهم تعرضوا بشكل مفاجئ لإطلاق رصاص حيً بشكل مكثف تجاههم أثناء إخلائهم منطقة سكنهم بعد أن أجبرتهم قوّات الاحتلال على ذلك، وأنّ الطفلين استشهدا أمام أعين أهليهما.
طفولة بأطراف مبتورة
في معظم الحالات التي يتعرّض فيها الأطفال لقصف الاحتلال يفقدون أرواحهم، لكنّ الذي ينجو منهم قد لا يكون أسعد حظاً، فالعديد منهم يخرجون بعاهات دائمة وحروق وإعاقات، وأشهرها “بتر الأطراف” الناتج عن شظايا القذاف أو انهيار الأبنية على أجسادهم الصغيرة.
وفي بيان سابق لها، أوضحت منظمة “إنقاذ الطفولة” أنّ ما لا يقل عن 10 أطفال يفقدون سيقانهم كل يوم في قطاع غزة، نتيجة حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
طفل فلسطيني مبتور القدم يقف وسط خيام النازحين
وأوضحت المنظمة، التي تتخذ من بريطانيا مقرّاً لها أنّ تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) تفيد بأن 1000 طفل في غزة فقدوا إحدى ساقيهم أو كلتيهما خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب. مشيرة إلى أنّ معظم العمليات الجراحية للأطفال أجريت دون تخدير، لعدم توفر المعدات الطبية في القطاع.
وفي السياق ذاته، يحكي جراح الأطفال الأردني بلال عزام عن أصعب المواقف التي تعرض لها خلال عمله في غزة حين سأله طفل يبلغ من العمر 5 سنوات “عمّو، هل ستكبر يدي معي حين أكبر؟”، ظنا منه أن أطرافه ستنمو مرة أخرى بعد إجرائه عملية بتر.
ويتساءل الطبيب متأثراً: كيف سيعيش هذا الطفل 60 أو 70 عاما دون يده؟
أمّا الطبيب الفرنسي “باسكال أندريه” فيقول بعد قضائه أقل من أسبوعين في المستشفى الأوروبي بخان يونس في غزة، إنّ “القناصة الإسرائيليين يطلقون النار على رؤوس البالغين، ويستهدفون أرجل الأطفال حتى لا يتمكنوا من اللعب مرة أخرى”.
ولكن، ليس كلّ أطفال غزة يلعبون، فهذا الفتى “صالح”، أصابته قذيفة إسرائيلية أدّت إلى بتر قدمه، لكنّ ذلك لم يمنعه من أن يمشي “حافياً” على قدمه الأخرى مستعيناً بعكّازين سعياً لمساعدة أهله، وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة الرضا والثبات وحبّ الحياة.
الأمراض المصاحبة للحرب
ليست القذائف المدمّرة هي العدوّ الوحيد لأطفال غزة، فقد ساهمت الأمراض والعدوى التي انتشرت بفعل العدوان في ازدياد معاناتهم، بل والفتك ببعضهم.
وكما هو معلوم، فالأطفال أكثر عرضة للإصابة بالأمراض من غيرهم نظراً لضعف مناعتهم، واحتياجهم لعناية الكبار بهم، وهو ما يفتقده الكثير من أطفال غزة نتيجة لفقدان عائلاتهم. يضاف إلى ذلك انتشار الأمراض الناتجة عن تراكم النفايات، وانعدام وسائل النظافة، ونقص الرعاية الطبية، وانهيار المنظومة الصحية بفعل العدوان الإسرائيلي على القطاع.
تدمير المنظومة الصحية أدّى لانتشار الأمراض الجلدية وسط أطفال غزة
وفي الآونة الأخيرة، أصبح الفلسطينيون في غزة يتخوّفون من إصابة أبنائهم بالفيروس المسبب لشلل الأطفال، بعد أن أعلنت وزارة الصحة رصده بمياه الصرف الصحي المنتشرة في شوارع القطاع، مع عجز البلديات عن معالجة الأزمة بسبب انعدام الإمكانيات التي دمّرها الاحتلال.
وشلل الأطفال مرض فيروسي شديد العدوى يغزو الجهاز العصبي ويمكن أن يحدث شللاً تاماً في غضون ساعات، وينتشر بالانتقال من شخص لآخر.
وفي السياق ذاته، أكّدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” أنّ أطفال قطاع غزة يواجهون ظروفاً صعبة وسط الأمراض الجلدية والبيئة غير الصحية والأعمال العدائية التي لا تنتهي.
وفي تصريحات سابقة، أكدت لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة أن الحرب في غزة أودت بحياة المزيد من الأطفال بوحشية غير مسبوقة، في حين أعلن المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أنّ عدد الأطفال الذين قتلوا جراء الحرب هناك تجاوز عدد من قُتلوا خلال 4 سنوات من النزاعات في جميع أنحاء العالم.
“}]]