[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
لم يتخيل المواطن خالد أبو شاويش أن تكون مدينة أصداء الترفيهية، مأوى له ولأسرته في ظل استمرار الإبادة الجماعية، بعد أن كانت متنفساً للاستجمام وقضاء أجمل الأوقات.
ويقول أبو شاويش إنه اضطر لنصب خيمة النزوح في مدينة أصداء بعد التوغل الإسرائيلي الأول لمدينة خان يونس في ديسمبر 2023، ونزوحه من منطقة الياباني غرب المدينة، ومن ثم تدمير المنزل.
ويصف الرجل حياة النزوح التي يعيشها بالمريرة، وأنها أصعب ما قد يعترض له الإنسان في حياته، “لم نتخيل أن نصل إلى هذه المرحلة”، مؤكدا أن لا خيار سوى الصمود والمواجهة.
وأصداء هي مدينة للإنتاج الفني والإعلامي أقيمت على أنقاض المستوطنات الإسرائيلية في مواصي خان يونس جنوب قطاع غزة، التي اندحر عنها الاحتلال عام 2005م، وتحتوي على مساحات خضراء، وألعاب ترفيهية للأطفال، وحديقة الحيوانات، وأكبر قرية مائية في قطاع غزة.
وكانت المدينة المقامة على مساحة أكثر من ألف دونم في خان يونس جنوب قطاع غزة، قبلة لجميع سكان القطاع للترفيه والترويح عن النفس، إلا أنها ومع استمرار حرب الإبادة الجماعية منذ 11 شهراً أضحت ملاذاً للنازحين والعائلات التي فقدت منازلها، ترى فيها الخيام على مد البصر، ويعشون في ظروف قاسية تحت تهديد مستمر من قصف إسرائيلي قد يصيبهم.
ويضيف أبو شاويش أن المدينة تشهد حالة إنسانية صعبة مع افتقارها للخدمات المعيشية، في مصممة للترفيه والرحلات القصيرة، وليست الإقامة والعيش.
ويتابع: “في مثل هذه الأيام كنا نزور أصداء دوماً لقضاء العطلة الأسبوعية برفقة عوائلنا، وهاد قد مرت أشهر على وجودنا في المكان الذي يسيطر عليه الحزن والكآبة، تراهما في وجوه الأطفال قبل الكبار، فالجمعي يقاسي مرارة العيش وكبد الحياة”.
وفي قلب المدينة التي تقع في بداية منطقة مواصي غربا، يقول أبو شاويش إنه يكاد لا يجد موطئ قدم بسبب اكتظاظ النازحين الشديد، وفوق ذلك كدر ومعاناة في الحصول على الموارد الأساسية للعيش، شأن حال جميع النازحين.
ويشعر سكان مخيمات النزوح بالقلق الدائم من هجوم أو قصف إسرائيلي مباغت، وأيضا من احتمالية إصابتهم بأي مرض في ظل نقص الدواء والرعاية الصحية، في الوقت الذي يعانون فيه من الجوع والعطش الشديدين ويكافحون في بيئة غير نظيفة لا توجد بها حتى مراحيض.
ورغم معرفة جميع المنظمات الدولية بمكان المدينة وأنها مركز إيواء كبير، إلا أنه يتعرض لقصف الاحتلال الهمجي في كثير من الأحيان، كما جرى في التوغل الأخير لمدينة خان يونس في أغسطس/ آب الماضي.
وفي مكان تعلوه أرجوحة ترى من مكان بعيد، تظهر خيمة المواطنة نادرة مقداد، وهي نازحة من مخيم الشاطئ غرب مدينة، وتقول: “كنا نأتي هنا للترفيه والتسلية، واليوم نعيش فيها أصعب أيام حياتنا”.
وتصف مقداد الحياة في مخيم أصداء بأنها لا تصلح للعيش الآدمي مع تراكم النفايات ومياه الصرف الصحي بين الخيام، “هذه ليست حياة أي إنسان عادي. لا يوجد شيء: لا ماء ولا طعام ولا رعاية صحية ولا حتى مرحاض”، مشيرة إلى أن الخيام ملتصقة ببعضها بعضاً ولا توجد فواصل بينها.
وتضطر مقداد إلى السير مسافات طويلة للحصول على القليل من الماء، ولا تستطيع شراء ما يكفي من الغذاء وتعتمد على الأغذية المعلبة التي توزعها الأمم المتحدة، مشيرة إلى أن المشكلة الأكبر تكمن في عدم توفر السيولة النقدية أمام حالة الغلاء والاستغلال الكبيرة.
وتحولت العديد من الأماكن العامة بما في ذلك السجون والمقابر إلى مجتمعات نزوح بعدما لاذ إليها آلاف النازحين، بحثاً عن أمان غير منظور في جنوب قطاع غزة.
ويتكدس أكثر من مليوني فلسطيني فيما يزعم الاحتلال أنها “منطقة إنسانية”، ومساحتها أقل من 11% من مجمل قطاع غزة، في أوضاع مأساوية للغاية. ومن كل 10 فلسطيني اضطر 9 لترك منزله، والنزوح مرة أو مرات عدة، وفق تقارير المنظمات الدولية.
وحذّرت “الأونروا” من أنّ البنية التحتية في خان يونس “دُمّرت بالكامل”، حيث لا توجد مياه ولا كهرباء ولا صرف صحي، مشيرة إلى أنّ النازحين الفارّين من خان يونس ورفح يعودون إلى المناطق المدمّرة التي لا تصلح للعيش بأي حال من الأحوال.
ورفضت الأمم المتحدة اعتبار “المواصي” منطقة آمنة، وعلقت بأنها تعوزها الظروف الأساسية للأمن والحاجات الإنسانية الأساسية الأخرى، وتفتقد لآلية للإشراف على تنفيذ منطقة آمنة فيها. واكتفت ببناء معسكر خيام للنازحين فيها.
ووصف عمال الإغاثة في المواصي، التي كانت ملجأ لعدة أشهر للفارين من الإبادة الإسرائيلية، الظروف هناك بأنها “مروعة ومهينة للإنسانية”، مع محدودية الطعام والمياه القذرة والشحيحة، ومرافق الرعاية الصحية المكتظة، وانعدام الصرف الصحي تقريباً.
“}]]